الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

الحديقة العشرون

وفيها
* في محراب علي عليه السلام
* الغريب المظلوم
* حب علي أو حب الدنيا
* ياسرَِّ ليلة القدر
* كيوم فقد المصطفى صلى الله عليه وآله
* فتـح مكـة
* دعاء اليوم العشرين
* الليلة الواحدة والعشرون
* فضيلتها
* الأعمـال الخاصـة

* في محراب علي عليه السلام
بين التاسع عشر والحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك يومان كانت قلوب المؤمنين تنزف فيهما دماً قبل أن تتفطر أسىً ولوعة، ويتفجر فوّار لهيبها فجيعةً بشهادة سيد الوصيين علي عليه السلام.إلى سيدنا ومولانا بقية الله في الأرَضين أقدّم العزاء بذكرى شهادة جده المرتضى عليه السلام.
من محراب أبي الحسن عليه السلام ينبغي الدخول إلى ليلة القدر ومن محرابه نتذكر فتح مكة وكل جولات الإسلام الحاسمة ما بين بدر وحنين، بل وما بين بدر والنهروان.

وهل يدرك أحد ليلة القدر إذل لم يدمِ قلبَه مصاب شهيدها؟
وهل يمكن لأحد أن يكون ممن " يدخلون في دين الله أفواجاً " إذا لم يعِش الفجيعة بالمرتضى؟
بل هل يمكن لأحد أن يدعي الإسلام إذا لم يخفق قلبه بحب علي؟
مصاب طالما أبكى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم، كيف أكون مقتدياً برسول الله إذا لم يُبكِني؟
روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم التزم علياً (أي عانقه) وقبّل مابين عينيه وقال: بأبي الشهيد. بأبي الوحيد الشهيد.

* الغريب المظلوم
وهذه الليلة أيها الموالون ذكرى غربة علي وذكرى شهادته. كان علي عليه السلام حاكماً يقود الجيوش وتحفّ به الألوية إلا أنه كان في الواقع غريباً غربة الحق بين أهل الباطل.يقول ابن أبي الحديد: وأعجب وأطرف ما جاء به الدهر - وإن كانت عجائبه وبدائعه جمة - أن يفضي أمر علي عليه السلام إلى أن يصير معاوية نداً له ونظيراً مماثلاً، يتعارضان الكتاب والجواب، ويتساويان فيما يواجه به أحدهما صاحبه، ولا يقول له علي عليه السلام كلمة إلا قال مثلها، وأخشن مَسّاً منها، فليت محمداً صلى الله عليه وآله كان شاهد ذلك: ليرى عياناً لا خبراً أن الدعوة التي قام بها، وقاسى أعظم المشاق في تحملها، وكابد الأهوال في الذب عنه، وضرب بالسيوف عليها لتأييد دولتها، وشيد أركانها، وملأ الآفاق بها، خلصت صفواً عفواً لأعدائه الذين كذبوه، لمّا دعا إليها، وأخرجوه عن أوطانه لما حض عليها، وأدموا وجهه، وقتلوا عمه وأهله، فكأنه كان يسعى لهم ويدأب لراحتهم، كما قال أبو سفيان في أيام عثمان، وقد مر بقبر حمزه، وضربه برجله، وقال: يا أبا عمارة ! إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعبون به ! ثم آل الامر إلى أن يفاخر معاوية علياً،كما يتفاخر الأكفاء والنظراء.

* وقد قال عليه السلام لابن عباس:" قُرِنتُ بابن آكلة الأكباد وعمرو وعقبة والوليد ومروان وأتباعهم، فمتى اختلج في صدري وأُلقيَ في روعي أن الأمر ينقاد إلى دنياً يكون هؤلاء فيها رؤوساً يطاعون.. ".

* كما أوضح عليه السلام ما كان عليه الناس من حوله حين قال لأحد أصحابه: "والله لو أدخلت عليّ عامة شيعتي الذين بهم أقاتل، ألذين أقَرّوا بطاعتي وسمّوني أمير المؤمنين واستحلُّوا جهاد من خالفني فحدّثتُهم ببعض ما أعلم من الحق في الكتاب الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله وسلّم لتفرّقوا عني حتى أبقى في عصابة من الحق".

* وروي عن المسيّب بن نجبه أنه قال: بينا علي عليه السلام يخطب إذ قام أعرابي وقال: وامظلمتاه (كان الإعرابي قد ظُلم من بعض الناس وأراد أن يشكو ظلامته إلى أمير المؤمنين عليه السلام) فاستدناه علي عليه السلام فلما دنا قال: إنما لك مظلمة واحدة وأنا قد ظُلمتُ عدد المدر والوبر".

أيها الموالي: ولكي تعيش بعض جوانب ظلامة الأمير عليه السلام، استعرض مواقفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من بدء البعثة إلى نزول الآية المباركة ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِين مروراً بالهجرة وبدر وإلى فتح مكة، واستعرض ما جرى له بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.

قاتل عليه السلام آل أبي سفيان في حروبهم لاستئصال الإسلام، وقاتلهم وهم يدّعون أنهم أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم منه ولعنوه على منابر رسول الله مائة عام.كان سلام الله عليه يحذو حذو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وقد قاتل على التأويل كما قاتل على التنزيل، لاتأخذه في الله لومة لائم، قد وتر فيه صناديد العرب وقتل أبطالهم وناوش ذؤبانهم فأودَع قلوبهم أحقاداً بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهم، فأضبّت على عداوته وأكبّت على منابذته حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين. كما ورد في دعاء الندبة.

واستعرض أيها الموالي ما جرى على أهل البيت بعد أمير المؤمنين عليه السلام خصوصاً ما جرى في كربلاء من منع الماء عن أبي عبد الله حتى عن طفله الرضيع وسبي زينب بنت أمير المؤمنين بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.إستعرض ذلك لتعيش جوانب من تلك الظلامة وتشارك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الحزن على مصاب أمير المؤمنين.

أوَلم يبكِ المصطفى الحبيب في آخر جمعة من شعبان عندما أورد خطبته المباركة حول شهر رمضان وفي آخر الخطبة سأله أمير المؤمنين عليه السلام: "ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلّم: أفضل الأعمال الورع عن محارم الله ثم بكى.. سأله أمير المؤمنين ما يبكيك؟ قال: يا علي أبكي لما يُستحلّ منك في هذا الشهر كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فيضربك ضربةً على قرنك تخضّب منها لحيتك".

* حب علي أو حب الدنيا
وفي ذكرى شهادة أمير المؤمنين عليه السلام، ينبغي إذاً أن نشارك رسول الله صلى الله عليه وآله، تفجعه، ولن تكون المشاركة حقيقية إلا إذا حاولنا أن نعرف سبب ظلامة أمير المؤمنين عليه السلام.
إنه- أيها الأعزاء - حب الدنيا!
حب الدنيا هو الذي جعل معاوية وأضرابه يُقدمون على ما أقدموا عليه.
حب الدنيا هو الذي جعل أكثر الناس يتخاذلون عن علي ثم الحسن عليهما السلام وينصرون معاوية.
حب الدنيا هو الذي استنفر أهل الكوفة فوقفوا ضد الإمام الحسين عليه السلام.
روي عن علي عليه السلام: " كما أن الشمس والليل لا يجتمعان، كذلك حب الله وحب الدنيا لايجتمعان".

وبما أن حب علي فرع حب رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو أيضاً فرع حب الله تعالى، فحب الدنيا وحب المصطفى لا يجتمعان وحب الدنيا وحب علي لا يجتمعان.
لقد ادعى التشيُّع لعلي عليه السلام كثيرون فسقطوا في الإمتحان وكشفتهم الدنيا وفضحهم حبها.
ليلةَ التاسع عشر من شهر رمضان قدّمت بنت أمير المؤمنين عليه السلام له طعام إفطاره: طَبقاً فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن وملح جريش (أي خشن) فلما فرغ من صلاته أقبل على فطوره فلما نظر إليه وتأمّله حرّك رأسه وبكى بكاءً شديداً عالياً وقال: "..." أتريدين أن يطول وقوفي غداً بين يدي الله عزَّ وجلّ يوم القيامة، أنا أريد أن أتبع أخي وابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ما قُدِّم إليه إدامان في طبق واحد إلى أن قبضه الله، يا بنيَّه ما من رجل طاب مطعمه ومشربه وملبسه إلا وطال وقوفه بين يدي الله عزَّ وجلّ يوم القيامة. يابنيَّه إن الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب".

كان الناس مع معاوية لأنهم كانوا مع حب الدنيا، فقد كانت مهمة معاوية الشيطانية أن يعمل على تجذير حب الدنيا في قلوب الناس فيبعدهم عن حب الله تعالى ورسوله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ونفسه وسائر أوليائه.
تفرّق الناس عن علي عليه السلام لأنه كان يريد لهم أن يتجذرإيمانهم، فتتعزّز إنسانيتهم.
وطريق الإيمان الذي هو الإنسانية الحق لاالمدعاة "كبيرة إلا على الخاشعين".
كان علي عليه السلام – وما يزال - يريد للناس الجنة، والفردوس وأعلى علّيّين، وكان معاوية يريد للناس النار وأسفل سافلين.
والصعود رقي يستتبع الجهد والمراقبة وشد الإنتباه والعزم، أما السقوط فهو التحلل من ذلك كله.

كيف يمكنني أن أحزن على علي عليه السلام إذا كنت أحب الدنيا؟
سيدي يا أمير المؤمنين لفرط اشتباكي بالدنيا أريد أن أجمع بين حبك وحب الدنيا وهو محال كالجمع بين الليل والنهار. آخذ من علي بعض ما أريد وآخذ من الدنيا كل ما أستطيع وأسمِّي ذلك بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان: ورعاً تارة، أو زهداً أو جهاداً! وأظلُّ مذبذباً لا مع أهل الدنيا في إقبالهم عليها ولا مع علي في طلاق الدنيا "غرّي غيري"، والإنقطاع إلى الله تعالى.

* ياسرَِّ ليلة القدر
سيدي: في ليلة القدر يا سرَّها، سائل أنا وقف ببابك وهو باب المصطفى وباب الله تعالى لا أريد شيئاً لا مالاً ولا حطاماً أريد رضاك.
أعلم سيدي أني سائل مثقِلٌ ملحاح، أستحق الطرد، ولكني أعلم أنك لا تطرد سائلاً توجه بك إلى الله تعالى " من الذنوب هارباً"ً خصوصاً في ليلة القدر التي جعلها الله تعالى رحمة لعباده، ليرجع الآبقون ويهتدي الضالون.
ياإلهي وإله العالمين، أللهم لو وجدت أقرب إليك من محمد المصطفى وأهل بيته الأطهار صلواتك عليه وعليهم لتوسَّلت إليك بهم، أللهم إني أسألك بلوعة نبيك المصطفى لشهادة أمير المؤمنين عليه السلام إلا ما وفّقتنا لليلة القدر.
أللهم إني أسألك بحرمة أمير المؤمنين عليه السلام إلا ما مننت علينا بعتق رقابنا من النار.

* كيوم فقد المصطفى صلى الله عليه وآله
أيها المؤمنون: عظم الله أجوركم.
في مثل هذه الليلة، جمع أمير المؤمنين عليه السلام أولاده وأهل بيته وودعهم، وكان مما قاله لهم:
يا أبا محمد ويا أبا عبدالله كأني بكما وقد خرجت عليكما من بعدي الفتن من ههنا، فاصبرا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. ثم قال: يا أبا عبد الله أنت شهيد هذه الأمة، فعليك بتقوى الله والصبر على بلائه. ثم أغمي عليه ساعة وأفاق وقال:هذا رسول الله صلى الله عليه وآله، وعمي حمزة وأخي جعفر، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وكلهم يقولون: عجِّل قدومك علينا فإنا إليك مشتاقون.
ثم أدار عينيه في أهل بيته كلهم وقال: أستودعكم الله الله جميعاً، سددكم الله جميعاً، حفظكم الله جميعاً، خليفتي عليكم الله، وكفى بالله خليفة.
ثم قال: وعليكم السلام يا رسل ربي.
ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون. إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

وعرق جبينه وهو يذكر الله كثيراً، ومازال يذكر الله كثيراً ويتشهد الشهادتين.
ثم استقبل القبلة وغمض عينيه ومد رجليه ويديه وقال: أشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ثم التحق بجوار الله تعالى.
وارتفعت الصيحة، وارتجت الكوفة بأهلها، وكثر البكاء والنحيب والعجيج، وكان يوماً كيوم فقد رسول الله صلى الله عليه وآله.

وعلى القبر الشريف وقف صعصعة بن صوحان العبدي ينوء بثقل الفجيعة، وثقلِ هم غربة المؤمنين بعد أميرهم. وضع صعصعة إحدى يديه على فؤاده، والأخرى قد أخذ بها التراب يضرب به على رأسه وهو يقول:بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين، ثم قال:هنيئاً لك ياأبا الحسن، فلقد طاب مولدك وقوي صبرك وعظُم جهادك، ".." وربحت تجارتك، وقدمت على خالقك، فتلقاك الله ببشارته، وحفتك ملائكته، ".." فأكرمك الله بجواره، ولحقت بدرجة أخيك المصطفى، وشربت بكأسه الأوفى، فاسأل الله أن يمن علينا باقتفائنا أثرك والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليائك، والمعاداة لأعدائك، وأن يحشرنا في زمرة أوليائك، فقد نلت ما لم ينله أحد، وأدركت ما لم يدركه أحد، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده، وقمت بدين الله حق القيام، حتى أقمت السنن، وأبرت الفتن، واستقام الإسلام، وانتظم الإيمان، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام، ".." سبقت إلى إجابة النبي صلى الله عليه وآله مقْدِماً مؤثراً، وسارعت إلى نصرته، ووقيته بنفسك، ورميت سيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر، قصم الله بك [ كل جبار عنيد، وأذل بك ] كل ذي بأس شديد، وهدم بك حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والردى، وقتل بك أهل الضلال من العدى، فهنيئا لك يا أمير المؤمنين، كنت أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وآله قرباً، وأولهم سلماً، وأكثر هم علماً وفهماً، فهنيئا لك يا أبا الحسن"..." فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر، وإن يومك هذا مفتاح كل شر ومغلاق كل خير".. ثم بكى بكاء شديداً وأبكى كل من كان معه.
سلام عليك سيدي ياصاحب العصر والزمان، وعظم الله لك الأجر. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

* فتـح مكـة
قال الشيخ المفيد:" وفي العشرين منه سنة ثمان من الهجرة كان فتح مكة، وهو يوم عيد لأهل الإسلام، ومسرة بنصر الله تعالى نبيه عليه السلام، وإنجازه له ما وعده، والإبانة عن حقه، وبإبطال (الأصنام)".

* دعاء اليوم العشرين
أللهم افتح لي فيه أبواب الجنان وأغلق عني فيه أبواب النيران ووفّقني فيه لتلاوة القرآن يا منزل السكينة في قلوب المؤمنين.
إلهي، في هذا اليوم وعلى مشارف هذه الليلة التي كتبتَ فيها على نفسك رحمة لا توصف، إفتح لي أبواب الجنان ووفقني للعمل الذي تغلق به عني أبواب النيران، واجعلني من أوليائك الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون وارزقني بتلاوة كتابك يقيناً تثبت الفؤاد الهلوع. يا منزّل السكينة في قلوب المؤمنين.

* الليلة الواحدة والعشرون
1- فضيلتها
وهي أفضل من كل ماتقدم الحث عليه من الليالي ولايفوقها في الفضل إلا ليلة الجُهني، الليلة الثالثة والعشرون.
قال السيد: " وليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان بلا خلاف، وهي ليلة الافراد بلا خلاف، وقال أصحابنا: هي إحدى الليلتين: إما ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث عشرين ".

وقد مر في عمل الليلة التاسعة عشر قوله: " ولعمري أن الأخبار واردة ومؤكدة في ليلة إحدى وعشرين منه أكثر من ليلة تسع عشرة، وفي ليلة ثلاث وعشرين من أكثر من ليلة تسع عشر ومن ليلة إحدى وعشرين".

كما تحدث في مكان آخر حول الروايات التي تحث على الإهتمام بليالي القدر الثلاث فبين أن لكل ليلة منها مرتبة من الأهمية والفضيلة مستقلة عما سواها، وهو مايحتم الإهتمام بالجميع. قال رحمه الله:" وقد كنت أجد الروايات متظاهرات بتعظيم هذه الثلاث ليال المفردات: ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فربما اعتقدت أن تعظيمها لمجرد احتمال أن تكون واحدة منها ليلة القدر، ثم وجدت في الأخبار أن كل ليلة من هذه الثلاث ليال المذكورة فيها أسرار لله جل جلاله وفوائده لعباده مذخورة، فمن ذلك ما رويته ".." عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: التقدير في ليلة تسع عشرة، والإبرام في ليلة إحدى وعشرين، والإمضاء في ليلة ثلاث وعشرين. ".." وقال الصادق عليه السلام: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها، ولله عز وجل أن يفعل ما يشاء في خلقه".

وقال الشيخ المفيد:" وفي ليلة إحدى وعشرين منه كان الإسراء برسول الله صلى الله عليه وآله، وفيها رفع الله عيسى بن مريم عليهما السلام، وفيها قبض موسى بن عمران عليه السلام، وفي مثلها قبض وصيه يوشع بن نون عليه السلام، وفيها كانت وفاة أمير المؤمنين عليه سنة أربعين من الهجرة وله يومئذ ثلاث وستون سنة، وهي الليلة التي يتجدد فيها أحزان آل محمد عليهم السلام وأشياعهم".

وقد روي أن الإمام الباقر عليه السلام كان في الليلة الواحدة والعشرين يدعو حتى منتصف الليل ثم يبدأ بالصلاة.
كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام إحياؤها بالعبادة، قال الراوي:" دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان، فقال لي: يا حَمّاد اغتسلت؟ قلت: نعم جعلت فداك، فدعا بحصير، ثم قال: إلى لزقي فصلِّ. فلم يزل يصلى وأنا اصلي إلى لزقة حتى فرغنا من جميع صلاتنا، ثم أخذ يدعو وأنا أؤمن على دعائه إلى أن اعترض الفجر، فأذن وأقام ودعا بعض غلمانه، فقمنا خلفه فتقدم وصلى بنا الغداة، فقرأ بفاتحة الكتاب وإنا أنزلناه في ليلة القدر في الأولى، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و قل هو الله أحد. فلما فرغنا من التسبيح والتحميد والتقديس والثناء على الله تعالى، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله، والدعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأولين والآخرين، خر ساجداً ولا أسمع منه إلا النفس ساعة طويلة، ثم سمعته يقول: لا إله إلا أنت مقلب القلوب والأبصار، لا إله إلا أنت خالق الخلق بلا حاجة فيك إليهم".

2-الأعمـال الخاصـة
تقدم بيان الأعمال العامة التي يؤتى بها في كل ليلة من ليالي القدر، وأما الأعمال الخاصة بالليلة الواحدة والعشرين فهي:


1- الغسل
أورد الشيخ الكليني عن الإمام الصادق عليه السلام في حديث: " وغسل ليلة إحدى وعشرين وغسل ليلة ثلاث وعشرين سنة لا تتركهما فإنه يرجى في إحديهن ليلة القدر".وعن الإمام الرضا عليه السلام في معرض حديثه عن جانب من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله في شهر رمضان: " فلما كان ليلة احدى وعشرين اغتسل حين غابت الشمس وفعل فيها مثل ما فعل في ليلة تسع عشرة ".وقال الشيخ المفيد: " والغسل فيها كالذي ذكرته ".." ليلة تسعة عشر حسب ما قدمناه ".

2- الإكثار من الصلاة على محمد وآله صلى الله عليه وآله.
أورد الشيخ المفيد في مسارِّ الشيعة في عداد أعمال الليلة " الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد عليهم السلام ".
وسيأتي في كلامه حول صلاة المائة ركعة قوله:" تفصل بين كل ركعتين بالإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين والائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين".

3- لعن قتلة أمير المؤمنين عليه السلام.
قال الشيخ المفيد:" وتكثر من الإبتهال إلى الله تعالى في تعذيب قتلةأمير المؤمنين عليه السلام وذريته الراشدين عليهم السلام، واللعنة لهم بأسمائهم، ومن أسس لهم ذلك، وفتح لهم فيه الأبواب، وسهل الطرق، ومن اتبعهم على ذلك من سائر العالمين، وتجتهد في الدعاء لنفسك، ولوالديك، ولإخوانك من المؤمنين ".

وقال في مسارِّ الشيعة:" والإجتهاد في الدعاء على ظالميهم، ومواصلة اللعنة على قاتلي أمير المومنين عليه السلام، ومن (سهل الطرق) على ذلك وسببه، و".."ورضيه من سائر الناس ".

4- الصلوات
أ- صلاة مائة ركعة:قال الشيخ المفيد في المقنعة:"فإذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وهى الليلة التى قبض فيها أمير المؤمنين عليه السلام اغتسلت قبل مغيب الشمس كما صنعت ليلة تسع عشرة، وصليت بعد العشاء الآخرة مائةركعة، تقرأ فيها بإحدى السورتين المقدم ذكرهما (الإخلاص أو القدر ) تفصل بين كل ركعتين بالإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين والائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

وقال السيد في بيان نوافل شهر رمضان: "وفي العشر الأواخر( تصلي) ثلاثين ركعة في كل ليلة، في كل ركعة عشر مرات: قل هو الله أحد، فإن لم يكن فمرة إلا في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فان فيهما مائة في كل ركعة بعد فاتحة الكتاب عشر مرات قل هو الله أحد".

ب - حصة هذه الليلة من الألف ركعة وهي ثلاثون ركعة ثمان منها أو اثنتا عشرة بعد المغرب والباقي بعد العشاء، بالحمد مرة والتوحيد مرة أو ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو عشراً كما تقدم.

ج- عن رسول الله صلى الله عليه وآله:ومن صلى ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ثماني ركعات ( بما تيسر) فتحت له سبع سماوات واستجيب له الدعاء مع ماله عند الله من المزيد.

3- قال الكفعمي: "ويستحب أن يصلي في كل ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثا، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظ لايغفل، سبحان من هو رحيم لايعجل، سبحان من هو قائم لايسهو، سبحان من هو دائم لايلهو. ثم يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثم يقول: سبحانك سبحانك ياعظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثم تصلي على النبي عشراً. من صلاها غفر الله له سبعين ألف ذنب. ".

في الختام يجدر التأكيد على أهمية أيام القدر، وأنه ينبغي الإنشغال فيها بالعبادة، فقد روي أن يوم القدر مثل ليلته.

أسأل الله عزَّ وجلّ أن يوفقنا لليلة القدر ويتقبل أعمالنا بالنبي المصطفى وآله صلوات الله عليه وعليهم.
والحمد لله رب العالمين 1.


1-مناهل الرجاء / الشيخ حسين كوراني.