اعلم أَنّ ليلة الحادية والعشرين من شهر الصّيام، ورد فيها أَحاديث أَنّها أَرجح من ليلة تسع عشرة منه، وأَقرب إِلى بلوغ المرام.
فعن حمران قال: سألت أَبا عبد اللَّه عليه السلام عن ليلة القدر، قال: هي في إِحدى وعشرين وثلاث وعشرين.
وعن عبد الواحد بن المختار الأنصاريّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أَخبرني عن ليلة القدر، قال: التمسها في ليلة إِحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فقلت: أَفردها لي، فقال: وما عليك أَن تجتهد في ليلتين1.
في هذه الليلة يؤتى بأعمال ليلة القدر العامة من الغسل وغيرها ورفع المصاحف والدعاء به.
1- الاعتكاف في مسجد النبي:
يستحب الاعتكاف وبالأخص في العشر الأواخر من شهر رمضان فعن أَحمد بن محمّد بن أَبي نصر، قال: سمعت الرّضا عليّ بن موسى عليهما السلام يقول: عمرة في شهر رمضان تعدل حجّة، واعتكاف ليلة في شهر رمضان يعدل حجة، واعتكاف ليلة في مسجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وعند قبره يعدل حجّة وعمرة، ومن زار الحسين عليه السلام يعتكف عنده العشر الغوابر من شهر رمضان فكأنّما اعتكف عند قبر النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله، ومن اعتكف عند قبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله كان ذلك أَفضل له من حجّة وعمرة بعد حجّة الإسلام.
2- الدّعاء المختصّ بليلة إِحدى وعشرين:
لا إِلهَ إِلا اللَّهُ، مُدَبِّرُ الأمور، وَمُصَرِّفُ الدُّهُورِ، وَخالِقُ الْأَشْياءِ جَمِيعا بِحِكْمَتِهِ، دالَّةً عَلى أَزَلِيَّتِهِ وَقَدَمِهِ، جاعِلُ الْحُقُوقِ الْواجِبَةِ لِما يَشاءُ، رَأْفَةً مِنْهُ وَرحْمَةً، لِيَسْأَلَ بِها سائِلٌ وَيَأْمَلَ إِجابَةَ دُعائِهِ بِها آمِلٌ.
فَسُبْحانَ مَن خَلَقَ، وَالْأَسْبابُ إِلَيْهِ كَثِيرَةٌ، وَالْوَسائِلُ إِلَيْهِ مَوْجُودَةٌ، وَسُبْحانَ اللَّهِ الَّذِي لا يَعْتَوِرُهُ فاقَةٌ، وَلا تَسْتَذِلُّهُ حاجَةٌ، وَلا تُطِيفُ بِهِ ضَرُورَةٌ، وَلا يَحْذَرُ إِبْطاءَ رِزْقِ رازِقٍ، وَلا سَخَطَ خالِقٍ، فَانَّهُ الْقَدِيرُ عَلى رَحْمَةٍ مَنْ هُوَ بِهذِهِ الْخِلالِ مَقْهُورٌ، وَفِي مَضائِقِها مَحْصُورٌ، يَخافُ وَيَرْجُو مَنْ بِيَدِهِ الامُورُ، وَالَيْهِ الْمَصِيرُ، وَهُوَعَلى ما يَشاءُ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، مُؤَدِّي الرِّسالَةِ، وَمُوضِحِ الدِّلالَةِ، أَوْصَلَ كِتابَكَ، وَاسْتَحَقَّ ثَوابَكَ، وَأنْهَجَ سَبِيِلَ حَلالِكَ وَحَرامِكَ، وَكَشَفَ عَنْ شَعائِرِكَ وَاعْلامِكَ.
فَانَّ هذِهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي وَسَمْتَها بِالْقَدْرِ، وَأنْزَلْتَ فِيها مُحْكَمَ الذِّكْرِ، وَفَضَّلْتَها عَلى أَلْفِ شَهْرٍ، وَهِيَ لَيْلَةُ مَواهِبِ الْمَقْبُولِينَ، وَمَصائِبِ الْمَرْدُودِينَ فَيا خُسْرانَ مَنْ باءَ فِيها بِسَخَطَهِ، وَيا وَيْحَ مَنْ حُظِيَ فِيها بِرَحْمَتِهِ.
اللَّهُمَّ فَارْزُقْنِي قِيامَها وَالنَّظَرَ إِلى ما عَظَّمْتَ مِنْها مِنْ غَيْرِ حُضُورِ أَجَلٍ وَلا قُرْبِهِ، وَلا انْقِطاعِ أَمَلٍ وَلا فَوْتِهِ، وَوَفِّقْنِي فِيها لِعَمَلٍ تَرْفَعُهُ، وَدُعاءٍ تَسْمَعُهُ، وَتَضَرُّعٍ تَرْحَمُهُ، وَشَرٍّ تَصْرِفُهُ، وَخَيْرٍ تَهَبُهُ، وَغُفْرانٍ تُوجِبُهُ، وَرزْقٍ تُوَسِّعُهُ، وَدَنَسٍ تُطَهِّرُهُ، وَاثْمٍ تَغْسِلُهُ، وَدَيْنٍ تَقْضِيهِ، وَحَقٍّ تَتَحَمَّلُهُ وَتُؤَدِّيهِ، وَصِحَّةٍ تُتِمُّها، وَعافِيَةٍ تُنْمِيها، وَاشْعاثٍ تَلُمُّها، وَامْراضٍ تَكْشِفُها، وَصَنْعَةٍ تَكْنِفُها، وَمَواهِبَ تَكْشِفُها، وَمَصائِبَ تَصْرِفُها، وَاوْلادٍ وَاهْلٍ تُصْلِحُهُمْ، وَاعْداءٍ تَغْلِبُهُمْ وَتَقْهَرُهُمْ، وَتَكْفِي ما أَهَمَّ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَتَقْدِرُ عَلى قُدْرَتِهِمْ، وَتَسْطُو بِسَطَواتِهِمْ، وَتَصُولُ عَلى صَوْلاتِهِمْ، وَتَغُلُّ أَيْدِيَهُمْ إِلى صُدُورِهِمْ، وَتَخْرِسُ عَنْ مَكارِهِي أَلْسِنَتِهِمْ، وَتَرُدُّ رُءُوسَهُمْ عَلى صُدُورِهِمْ.
اللَّهُمَّ سَيِّدِي وَمَوْلايَ اكْفِنِي الْبَغْيَ، وَمُصارَعَةَ الْغَدْرِ وَمُعاطِبَهُ، وَاكْفِنِي سَيِّدِي شَرَّ عِبادِكَ، وَاكْفِ شَرَّ جَمِيعِ عِبادِكَ، وَأنْشُرْ عَلَيْهِمْ الْخَيْراتِ مِنِّي حَتَّى تُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الاخِرِينَ، وَاذْكُرْ والِدَيَّ وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِرَحْمَتِكَ وَمَغْفِرَتِكَ، ذِكْرى سَيِّدٍ قَرِيبٍ لِعَبِيدٍ وَاماءٍ فارَقُوا الْأَحِبَّاءَ، وَخَرَسُوا عَنِ النَّجْوى وَصَمُّوا عَنِ النِّداءِ، وَحَلُّوا أَطْباقَ الثَّرى، وَتَمَزَّقَهُمُ الْبِلى.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَوْجَبْتَ لِوالِدَيَّ عَلَيَّ حَقّا وَقَدْ أَدَّيْتُهُ بِالاسْتِغْفارِ لَهُما إِلَيْكَ، إِذْ لا قُدْرَةَ لِي عَلى قَضائِهِ إِلا مِنْ جَهَتِكَ، وَفَرَضْتَ لَهُما فِي دُعائِي فَرْضا قَدْ أَوْفَدْتُهُ عَلَيْكَ، إِذْ حَلَّتْ بِيَ الْقُدْرَةُ عَلى واجِبِها، وَأنْتَ تَقْدِرُ، وَكُنْتُ لا أَمْلِكُ وَأنْتَ تَمْلِكُ.
اللَّهُمَّ لا تَحْلُلْ بِي فِيما أَوْجَبْتَ، وَلا تُسْلِمْنِي فِيما فَرَضْتَ، وَاشْرِكْنِي فِي كُلِّ صالِحِ دُعاءٍ أَجَبْتَهُ، وَاشْرِكْ فِي صالِحِ دُعائِي جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ، إِلا مَنْ عادى أَوْلِياءَكَ، وَحارَبَ أَصْفِياءَكَ، وَاعْقَبَ بِسُوءِ الْخِلافَةِ أَنْبِياءَكَ، وَماتَ عَلى ضَلالَتِهِ، وَأنْطَوى فِي غِوايَتِهِ، فَانِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دُعاءٍ لَهُمْ.
أَنْتَ الْقائِمُ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، غَفَّارٌ لِلصَّغايِرِ، وَالْمُوبِقُ بِالْكِبائِرِ بِلا إِلهَ إِلا أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالَمِينَ، فَانْشُرْ عَلَيَّ رَأْفَتَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَالِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرا.2
3- الدُّعاء المختصّ بليلة إِحدى وعشرين من الفصول الثلاثين، وهو دعاء ليلة إحدى وعشرين مرويّ عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله:
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَاشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرسُولُهُ، وَاشْهَدُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، وَانَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَانَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ.
وَاشْهَدُ أَنَّ الرَّبَّ رَبِّي لا شَرِيكَ لَهُ، وَلا وَلَدَ لَهُ وَلا والِدَ لَهُ، وَاشْهَدُ أَنَّهُ الْفَعَّالُ لِما يُرِيدُ، وَالْقادِرُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ، وَالصَّانِعُ لِما يُرِيدُ، وَالْقاهِرُ مَنْ يَشاءُ، وَالرَّافِعُ مَنْ يَشاءُ، مالِكُ الْمُلْكِ، وَرازِقُ الْعِبادِ، الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ.
أَشْهَدُ أَشْهَدُ، أَشْهَدُ أَشْهَدُ، أَشْهَدُ أَشْهَدُ، أَشْهَدُ (أَنَّكَ سَيِّدِي كَذلِكَ، وَفَوْقَ ذلِكَ، لا يَبْلُغُ الْواصِفُونَ كُنْهَ عَظَمَتِكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِهِ، وَاهْدِنِي وَلا تُضِلَّنِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْهادِي الْمَهْدِيِّ).3
4- ما يختصّ بهذه اللّيلة من دعاء العشر الأواخر:
عن عمر بن يزيد، عن أَبي عبد اللَّه عليه السلام قال:
يقول أَوّل ليلة من العشر الأواخر:
يا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ وَمُوِلِجَ النَّهارِ فِي اللَّيْلِ، وَمُخْرِجَ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجَ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ، يا رازِقَ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ، يا اللَّهُ يا رَحْمنُ، يا اللَّهُ يا رَحِيمُ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا اللَّهُ لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا وَالْكِبْرِياءُ وَالالاءُ.
أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ، وَروحِي مَعَ الشُّهَداءِ، وَاحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَاساءَتِي مَغْفُورَةً، وَأنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَايْمانا يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَرضا بِما قَسَمْتَ لِي، وَاتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.
وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ وَالانابَةَ إِلَيْكَ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما تُحِبُّهُ وَتَرْضى، وَلِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، وَاغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.
وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٍ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّدا وَالَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النّفس.
زيادة بغير الرّواية:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ، وَاقْسِمْ لِي حِلْما يَسُدُّ عَنِّي بابَ الْجَهْلِ، وَهُدىً تَمُنُّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ ضَلالَةٍ، وَغِنىً تَسُدُّ بِهِ عَنِّي بابَ كُلِّ فَقْرٍ، وَقُوَّةً تَرُدُّ بِها عَنِّي كُلَّ ضَعْفٍ، وَعِزّا تُكْرِمُنِي بِهِ عَنْ كُلِّ ذُلٍّ، وَرفْعَةً تَرْفَعُنِي بِها عَنْ كُلِّ ضَعَةٍ، وَامْنا تَرُدُّ بِهِ عَنِّي كُلَّ خَوْفٍ وَعافِيَةٍ، تَسْتُرُنِي بِها مِنْ كُلِّ بَلاءٍ، وَعِلْما تَفْتَحُ لِي بِهِ كُلَّ يَقِينٍ.
وَ يَقِينا تَذْهَبُ بِهِ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ، وَدُعاءً تَبْسُطُ لِي بِهِ الاجابَةَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، وَفِي هذِهِ السَّاعَةِ السَّاعَةِ السَّاعَةِ يا كَرِيمُ، وَخَوْفا تَيَسَّرَ لِي بِهِ كُلُّ رَحْمَةٍ، وَعِصْمَةً تَحُولُ بِها بَيْنِي وَبَيْنَ الذُّنُوبِ حَتَّى افْلِحَ بِها بَيْنَ الْمَعْصُومِينَ عِنْدَكَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ"".4
5- ومن الزّيادات ما يتكرّر كلّ ليلة من العشر الأواخر:
عن محمّد بن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كان يقول في كلّ ليلة من العشر الأواخر:
اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ الْمُنْزَلِ: "شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي انْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ" ، فَعَظَّمْتَ حُرْمَةَ شَهْرِ رَمَضانَ بِما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَخَصَصْتَهُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَجَعَلْتَها خَيْرا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
اللَّهُمَّ وَهذِهِ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضانَ قَدِ انْقَضَتْ، وَلَيالِيهِ قَدْ تَصَرَّمَتْ، وَقَدْ صِرْتُ يا إِلهِي مِنْهُ إِلى مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وَاحْصى لِعَدَدِهِ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ.
فَأَسْأَلُكَ بِما سَأَلَكَ بِهِ مَلائِكَتُكَ الْمُقَرَّبُونَ، وَأنْبِياؤُكَ الْمُرْسَلُونَ، وَعِبادُكَ الصَّالِحُونَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَتُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَأنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ، وَتَتَقَبَّلَ تَقَرُّبِي، وَتَسْتَجِيبَ دُعائِي وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِالأَمْنِ يَوْمَ الْخَوْفِ مِنْ كُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ.
إِلهِي وَاعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَبِجَلالِكَ الْعَظِيمِ، أَنْ تَنْقَضِيَ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضانَ وَلَيالِيهِ، وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُؤَاخِذُنِي بِهِ أَوْ خَطِيئَةٌ تُريدُ أَنْ تَقْتَصَّها مِنِّي، لَمْ تَغْفِرْها لِي.
سَيِّدِي سَيِّدِي سَيِّدِي، أَسْأَلُكَ يا لا إِلهَ إِلا أَنْتَ إِذْ لا إِلهَ إِلا أَنْتَ إِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فِي هذا الشَّهْرِ فَازْدَدْ عَنِّي رِضا، وَأنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيتَ عَنِّي فَمِنَ الآن فَارْضَ عَنِّي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا اللَّهُ يا احَدُ يا صَمَدُ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوا أَحَدٌ.
وَاكثر أَن تقول:
يا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْكَرْبِ الْعِظامِ عَنْ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَيْ مُفَرِّجَ هَمِّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَيْ مُنَفِّسَ غَمِّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ كَما أَنْتَ أَهْلُهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ.5
6- وفي رواية أخرى عن ابن أَبي عمير، عن أَبي عبد اللَّه عليه السلام قال: تقول في العشر الأواخر من شهر رمضان كلّ ليلة:
أَعُوذُ بِجَلالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضانَ، أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ، وَبَقِيَ لَكَ عِنْدِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ يَوْمَ أَلْقاكَ.6
قال السيد ابن طاووس: اعلم أَنّ هذه الرّواية بأدعية العشر الأواخر من شهر رمضان، تتكرّر في كلّ ليلة منها، مفرداتها ومزدوجاتها: "إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيها".
و من المعلوم من مذهب الاماميّة ورواياتهم أَنّ ليلة القدر في اللّيالي المفردات دون المزدوجات، فيحتاج ذكرها في هذه الأدعية في مزدوجات العشر جميعه إِلى تأويل، فأقول:
إِنّه إِن كان يمكن أَن يكون المقصود بذكرها في جميع ليالي العشر ستر هذه اللّيلة عن أَعدائهم، وإِبهامهم أَنّهم ما يعرفونها كما كنّا قد بيّناه.
أَو يكون المراد: إِن كنت قضيت في اللّيالي المزدوجات، أَن يكون ليلة القدر في اللّيالي المفردات.
أَو يكون: إِن كنت قضيت نزول الملائكة إِلى موضع خاصّ من السّماء في اللّيالي المزدوجات، ويتكمّل نزولهم إِلى الدُّنيا في اللّيالي المفردات، أَو يكون له تأويل غير ما ذكرناه.
وَانَّ أَسرار خواصّ اللَّه جلَّ جلاله ونوّابه ما يتطلّع كلّ أَحد على حقيقة معناه.
فصل: وذكر أَبو جعفر محمّد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه أَدعية العشر الأواخر من شهر رمضان من نوادر محمّد بن أَبي عمير عن الصّادق عليه السلام، ولم يذكر فيها: "إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ"، بل يقول: "أَنْ تَجْعَلَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ اسْمِي فِي السُّعَداءِ، وَروحِي مَعَ الشُّهَداءِ - وتمام الدّعاء."7
1- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ج 1 ص: 359
2- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ج 1 ص: 361
3- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ج 1 ص: 363
4- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ج 1 ص: 364
5- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ج 1 ص: 365
6- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ج 1 ص: 365
7- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة ج 1 ص: 366
|