القول فيما يجب الامساك عنه
مسألة 1- يجب على الصائم الامساك عن أمور:
الاول والثاني الاكل والشرب معتادا كان كالخبز والماء أو غيره كالحصاة وعصارة
الاشجار ولو كانا قليلين جدا كعشر حبة وعشر قطرة.
مسألة 2- المدار على صدق الاكل والشرب ولو
كانا على النحو الغير المتعارف، فإذا أوصل الماء إلى جوفه من طريق أنفه صدق الشرب
عليه وإن كان بنحو غير متعارف. الثالث الجماع، ذكرا كان الموطوء أو أنثى، إنسانا أو
حيوانا، قبلا أو دبرا، حيا أو ميتا، صغيرا أو كبيرا، واطئا كان الصائم أو موطوءا،
فتعمد ذلك مبطل وإن لم ينزل، ولا يبطل مع النسيان أو القهر السالب للاختيار، دون
الاكراه فانه مبطل أيضا، فان جامع نسيانا أو قهرا فتذكر أو ارتفع القهر في الاثناء
وجب الاخراج فورا، فان تراخى بطل صومه، ولو قصد التفخيذ مثلا فدخل بلا قصد لم يبطل،
وكذا لو قصد الادخال ولم يتحقق، لما مر من عدم مفطرية قصد المفطر، ويتحقق الجماع
بغيبوبة الحشفة أو مقدارها، بل لا يبعد إبطال مسمى الدخول في المقطوع وإن لم يكن
بمقدارها. الرابع إنزال المني باستمناء أو ملامسة أو قبلة أو تفخيذ أو نحو ذلك من
الافعال التي يقصد بها حصوله، بل لو لم يقصد حصوله وكان من عادته ذلك بالفعل
المزبور فهو مبطل أيضا، نعم لو سبقه المني من دون إيجاد شئ يترتب عليه حصوله ولو من
جهة عادته من دون قصد له م يكن مبطلا.
مسألة 3- لا بأس بالاستبراء بالبول أو الخرطات
لمن احتلم في النهار وإن علم بخروج بقايا المني الذي في المجرى إذا كان ذلك قبل
الغسل من الجنابة، وأما الاستبراء بعده فمع العلم بحدوث جنابة جديدة به فالاحوط
تركه، بل لا يخلو لزومه من قوة، ولا يجب التحفظ من خروج المني بعد الانزال استيقظ
قبله خصوصا مع الحرج والاضرار. الخامس تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر في شهر
رمضان وقضائه، بل الاقوى في الثاني البطلان بالاصباح جنبا وإن لم يكن عن عمد، كما
أن الاقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل الفجر حتى مضى عليه يوم
أن أيام، بل الاحوط إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعين ونحوه به وإن كان الاقوى
خلافه إلا في قضاء شهر رمضان، فلا يترك الاحتياط فيه، وأما غير شهر رمضان وقضائه من
الواجب المعين والموسع والمندوب ففي بطلانه بسبب تعمد البقاء على الجنابة إشكال،
الاحوط ذلك خصوصا في الواجب الموسع، والاقوى العدم خصوصا في المندوب.
مسألة 4- من أحدث سبب الجنابة في وقت لا يسع
الغسل ولا التيمم مع علمه بذلك فهو كمتعمد البقاء عليها، ولو وسع التيمم خاصة عصى
وصح صومه المعين، والاحوط القضاء.
مسألة 5- لو ظن السعة وأجنب فبان الخلاف لم
يكن عليه شئ إذا كان مع المراعاة، وإلا فعليه القضاء.
مسألة 6- كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة
متعمدا كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض والنفاس إلى طلوع الفجر، فإذا طهرتا منهما
قبل الفجر وجب عليهما الغسل أو التيمم، ومع تركهما عمدا يبطل صومهما وكذا يشترط على
الاقوى في صحة صوم المستحاضة الاغسال النهاريه التي للصلاة دون غيرها، فلو استحاضت
قبل الاتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسطة والكثيرة فتركت الغسل
بطل صومها، بخلاف ما لو استحاضت بعد الاتيان بصلاة الظهرين فتركت الغسل إلى الغروب
فانه لا يبطله، ولا يترك الاحتياط باتيان الغسل لصلاة الليلة الماضية، ويكفي عنه
الغسل قبل الفجر لاتيان صلاة الليل أو الفجر فصح صومها حينئذ على الاقوى.
مسألة 7- فاقد الطهورين يصح صومه مع البقاء
على الجنابة أو حدث الحيض أو النفاس، نعم فيما يفسده البقاء على الجنابة ولو عن غير
عمد كقضاء شهر رمضان فالظاهر بطلانه به.
مسألة 8- لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمس
الميت، كما لا يضر مسه به في أثناء النهار.
مسألة 9- من لم يتمكن عن الغسل لفقد الماء أو
لغيره من أسباب التيمم ولو لضيق الوقت وجب عليه التيمم للصوم، فمن تركه حتى أصبح
كان كتارك الغسل، ولا يجب عليه البقاء على التيمم مستيقظا حتى يصبح وإن كان أحوط.
مسألة 10- لو استيقظ بعد الصبح محتلما فان علم
أن جنابته حصلت في الليل صح صومه إن كان مضيقا إلا في قضاء شهر رمضان، فان الاحوط
فيه الاتيان به وبعوضه وإن كان جواز الاكتفاء بالعوض بعد شهر رمضان الآتي لا يخلو
من قوة، وإن كان موسعا بطل إن كان قضاء شهر رمضان، وصح إن كان غيره أو كان مندوبا،
إلا أن الاحوط إلحاقهما به، وإن لم يعلم بوقت وقوع الجنابة أو علم بوقوعها نهارا لا
يبطل صومه من غير فرق بين الموسع وغيره والمندوب، ولا يجب عليه البدار إلى الغسل
كما لا يجب على كل من أجنب بالنهار بدو اختيار وإن كان أحوط.
مسألة 11- من أجنب في الليل في شهر رمضان جاز
له أن ينام قبل الاغتسال إن احتمل الاستيقاظ حتى بعد الانتباه أو الانتباهتين، بل
وأزيد خصوصا مع اعتياد الاستيقاظ، فلا يكون نومه حراما وإن كان الاحوط شديدا ترك
النوم الثاني فما زاد، ولو نام مع احتمال الاستيقاظ فلم يستيقظ حتى طلع الفجر فان
كان بانيا على عدم الاغتسال لو استيقظ أو مترددا فيه أو غير ناو له وإن لم يكن
مترددا ولا ذاهلا وغافلا لحقه حكم متعمد البقاء على الجنابة فعليه القضاء والكفارة
كما يأتي، وإن كان بانيا على الاغتسال لا شئ عليه لا القضاء ولا الكفارة، لكن ينبغي
للمحتلم أن يترك الاحتياط لو استيقظ ثم نام ولم يستيقظ حتى طلع الفجر بالجمع بين
صوم يومه وقضائه وإن كان الاقوى صحته، ولو انتبه ثم نام ثانيا حتى طلع الفجر بطل
صومه، فيجب عليه الامساك تأدبا والقضاء، ولو عاد إلى النوم ثالثا ولم ينتبه فعليه
الكفارة أيضا على المشهور، وفيه تردد، بل عدم وجوبها لا يخلو من قوة، لكن لا ينبغي
ترك الاحتياط، ولو كان ذاهلا وغافلا عن الاغتسال ولم يكن بانيا عليه ولا على تركه
ففي لحوقه بالاول أو الثاني وجهان، أوجههما اللحوق بالثاني. السادس تعمد الكذب على
الله تعالى ورسوله والائمة صلوات الله عليهم على الاقوى، وكذا باقي الانبياء
والاوصياء عليهم السلام على الاحوط، من غير فرق بين كونه في الدين أو الدنيا، وبين
كونه بالقول أو بالكتابة أو الاشارة أو الكناية ونحوها مما يصدق عليه الكذب عليهم
فلو سأله سائل هل قال النبي صلى الله عليه وآله كذا؟ فأشار نعم في مقام لا، أولا في
مقام نعم بطل صومه، وكذا لو أخبر صادقا عن النبي صلى الله عليه وآله ثم قال ما
أخبرت به عنه كذب، أو أخبر عنه كاذبا في الليل ثم قال في النهار: إن ما أخبرت به في
الليل صدق فسد صومه، والاحوط عدم الفرق بين الكذب عليهم في أقوالهم أو غيرها،
كالاخبار كاذبا بأنه فعل كذا أو كان كذا، والاقوى عدم ترتب الفساد مع عدم القصد
الجدي إلى الاخبار بأن كان هاذلا أو لاغيا.
مسألة 12- لو قصد الصدق فبان كذبا لم يضر،
وكذا إذا قصد الكذب فبان صدقا وإن علم بمفطريته.
مسألة 13- لا فرق بين أن يكون الكذب مجعولا له
أو لغيره كما إذا كان مذكورا في بعض كتب التواريخ أو الاخبار إذا كان على وجه
الاخبار، نعم لا يفسده إذا كان على وجه الحكاية والنقل من شخص أو كتاب. السابع رمس
الرأس في الماء على الاحوط ولو مع خروج البدن، ولا يلحق المضاف بالمطلق، نعم لا
يترك الاحتياط في مثل الجلاب خصوصا مع ذهاب رائحته، ولا بأس بالافاضة ونحوها مما لا
يسمى رمسا وإن كثر الماء، بل لا بأس برمس البعض وإن كان فيه المنافذ ولا بغمس
التمام على التعاقب بأن غمس نصفه ثم أخرجه وغمس نصفه الآخر.
مسأله 14- لو ألقى نفسه في الماء بتخيل عدم
الرمس فحصل لم يبطل صومه إذا لم تقض العادة برمسه، وإلا فمع الالتفات فالاحوط
إلحاقه بالعمد إلا مع القطع بعدمه.
مسألة 15- لو ارتمس الصائم مغتسلا فان كان
تطوعا أو واجبا موسعا بطل صومه وصح غسله، وإن كان واجبا معينا فان قصد الغسل بأول
مسمى الارتماس بطل صومه وغسله على تأمل فيه، وإن نواه بالمكث أو الخروج صح غسله دون
صومه في غير شهر رمضان، وأما فيه فيبطلان معا إلا إذا تاب ونوى الغسل بالخروج فانه
صحيح حينئذ. الثامن إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، بل وغير الغليظ على الاحوط وإن
كان الاقوى خلافه، سواء كان الايصال باثارته بنفسه بكنس أو نحوه أو باثارة غيره أو
باثرة الهواء مع تمكينه من الوصول وعدم التحفظ، وفيما يعسر التحرز عنه تأمل، ولا
بأس به مع النسيان أو الغفلة أو القهر الرافع للاختيار أو تخيل عدم الوصول، إلا ان
يجتمع في فضاء الفم ثم أكله اختيارا، والاقوى عدم لحوق البخار به إلا إذا انقلب في
الفم ماء وابتلعه، كما أن الاقوى عدم لحوق الدخان به أيضا، نعم يلحق به شرب الادخنة
على الاحوط. التاسع الحقنة بالمائع ولو لمرض ونحوه، ولا بأس بالجامد المستعمل
للتداوي كالشياف، وأما إدخال نحو الترياك للمعتادين به وغيرهم للتغذي والاستنعاش
ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط باجتنابه، وكذلك كل ما يحصل به التغذي من هذا
المجرى، بل وغيره كتلقيح ما يتغذى به، نعم لا بأس بتلقيح غيره للتداوي، كما لا بأس
بوصول الدواء إلى جوفه من جرحه. العاشر تعمد القئ وإن كان للضرورة دون ماكان منه
بلا عمد، والمدار على صدق مسماه، ولو ابتلع في الليل ما يجب عليه رده ويكون القئ في
النهار مقدمة له صح صومه لو ترك القئ عصيانا ولو انحصر اخراجه به، نعم لو فرض
ابتلاغ ما حكم الشارع بقيئه بعنوانه ففي الصحة والبطلان تردد، والصحة أشبه.
مسألة 16- لو خرج بالتجشؤ شئ ووصل إلى فضاء
الفم ثم نزل من غير اختيار لم يبطل صومه، ولو بعله اختيارا بطل وعليه القضاء
والكفارة ولا يجوز للصائم التجشؤ اختيارا إذا علم بخروج شئ معه يصدق عليه القئ أو
ينحدر بعد الخروج بلا اختيار، وإن لم يعلم به بل احتمله فلا بأس به بل لو ترتب عليه
حينئذ الخروج والانحدار لم يبطل صومه، هذا إذا لم يكن من عادته ذلك وإلا ففيه
إشكال، ولا يترك الاحتياط.
مسألة 17- لا يبطل الصوم بابتلاع البصاق
المجتمع في الفم وإن كان بتذكر ما كان سببا لاجتماع، ولا بابتلاع النخامة التي لم
تصل إلى قضاء الفم من غير فرق بين النازلة من الرأس والخارجة من الصدر على الاقوى
وأما الواصلة إلى فضاء الفم فلا يترك الاحتياط بترك ابتلاعها، ولو خرجت عن الفم ثم
ابتلعها بطل صومه، وكذا البصاق، بل لو كانت في فمه حصاة فأخرجها وعليها بلة من
الريق ثم أعادها وابتلعها، أو بل الخياط الخيط بريقه ثم رده وابتلع ما عليه من
الرطوبة، أو استاك وأخرج المسواك المبلل بالريق فرده وابتلع ما عليه من الرطوبة إلى
غير ذلك بطل صومه، نعم لو استهلك ماكان عليه من الرطوبة في ريقه على وجه لا يصدق
أنه ابتلع ريقه مع غيره لا بأس به، ومثله ذوق المرق ومضغ الطعام والمتخلف من ماء
المضمضة، وكذا لا بأس بالعلك على الاصح وإن وجد منه طعما في ريقه ما لم يكن ذلك
بتفتت أجزائه ولو كان بنحو الذوبان في الفم.
مسألة 18- كل ما مر من أنه يفسد الصوم ما عدا
البقاء على الجنابة الذي مر التفصيل فيه انما يفسده إذا وقع عن عمد لابدونه،
كالنسيان أو عدم القصد فانه لا يفسده بأقسامه، كما أن العمد يفسده بأقسامه، من غير
فرق بين العالم بالحكم والجاهل به مقصرا على الاقوى أو قاصرا على الاحوط، ومن العمد
من أكل ناسيا فظن فساده فأفطر عامدا، والمقهور المسلوب عنه الاختيار المؤجر في حلقه
لا يبطل صومه، والمكره الذي يتناول بنفسه يبطله، ولو اتقى من المخالين في أمر يرجع
إلى فتواهم أو حكمهم فلا يفطره، فلو ارتكب تقية ما لا يرى المخالف مفطرا صح صومه
على الاقوى، وكذا لو أفطر قبل ذهاب الحمرة، بل وكذا لو أفطر يوم الشك تقية لحكم
قضاتهم بحسب الموازين الشرعية التي عندهم لا يجب عليه القضاء مع بقاء الشك على
الاقوى، نعم لو علم بأن حكمهم بالعيد مخالف للواقع يجب عليه الافطار تقية وعليه
القضاء على الاحوط 1.
1-كتاب الصوم من
تحرير الوسيلة للإمام الخميني قدة.
|