عبادته عليه السلام
من فضائل الإمام المجتبى عليه السلام ومظاهر شخصيّته
لقد تميزت شخصية الإمام الحسن المجتبى علي السلام بعمق الإيمان والارتباط بالله عز وجل، وتجسدت أفعاله بأبهى صورها، فكان عليه السلام مثالا للتواضع والعفو والحلم والزهد.
- روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام:
" إنّ الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقةً يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم وسأل الله الجنّة وتعوّذ به من النار، وكان لا يقرأ من كتاب الله عزّ وجل يا أيّها الذين آمنوا إلاّ قال: لبيّك اللهمّ لبيّك، ولم يُرَ في شيء من أحواله إلاّ ذاكراً لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجةً وأفصحهم منطقاً ...".
-كان عليه السلام إذا توضّأ ارتعدت مفاصله واصفرّ لونه، فقيل له في ذلك فقال:
" حقٌ على كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله ".
-كان إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه ويقول:
" ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم ".
-كان إذا فرغ من الفجر لم يتكلّم حتى تطلع الشمس وإن زحزح.
-عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام: " إنّ الحسن عليه السلام قال: إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمشِ إلى بيته، فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه ".
- وعن علي بن جذعان: " إنّ الحسن بن علي عليه
السلام خرج من ماله مرتين، وقاسم الله ماله ثلاث مرّات، حتى أن كان ليعطي نعلاً،
ويمسك نعلاً ويعطي خفّاً ويمسك خفّاً ".
وللإمام المجتبى عليه السلام أدعية شتّى رُويت عنه، وهي تتضمّن مجموعةً من المعارف والآداب، كما تحمل أدب التقديس لله تعالى والخضوع له والتذلّل بين يديه، ونشير إلى نموذج منها:
قال عليه السلام: " اللهمّ إنّك الخَلَفُ من جميع خَلقِك، وليس في خلقِكَ خَلَفٌ مثلُكَ، إلهِي من أحسنَ فبرحمتكَ، ومن أساء فبخطيئته، فلا الذي أحسنَ استغنى عن رَدفك ومعونتك، ولا الذي أساء استبدل بك وخرج من قدرتك، الهي بك عرفتك، وبك اهتديتُ إلى أمرك، ولو لا أنتَ لم أدرِ ما أنتَ، فيا من هو هكذا ولا هكذا غيره صلّ على محمد وآل محمد، وارزقني الإخلاص في عملي والسعة في رزقي، اللهمّ اجعل خير عملي آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيّامي يوم ألقاك، إلهي أطعتك ولك المنّة عليَّ في أحبّ الأشياء إليك: الإيمان بك والتصديق برسولك، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك: الشرك بك والتكذيب برسولك، فاغفر لي ما بينهما يا أرحم الراحمين ".
وعن ابن كثير: " إنّ الحسن كان يقرأ كلّ ليلة سورة الكهف في لوح مكتوب، يدور معه حيث دار من بيوت أزواجه قبل أن ينام وهو في الفراش ".
لقد تغذّى الإمام الحسن عليه السلام بلباب المعرفة وبجوهر الإيمان وبواقع الدين، وانطبعت مُثُلُه في دخائل نفسه وأعماق ذاته، فكان من أشدّ الناس إيماناً، ومن أكثرهم إخلاصاً وطاعةً لله.
*سلسلة أعلام الهداية،المجمع العالمي لأهل البيت ع، ط1، 1422هـ، ج4،ص 33-35.
|