الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم العاشر

"اللّهمَّ اجعلني فيه من المتوكّلين عليك، واجعلني فيه من الفائزين لديك، واجعلني فيه من المقرّبين إليك بإحسانك يا غاية الطالبين".

تتحدَّث فقرات هذا الدعاء عن بعض صفات المؤمنين التي لا تتحقَّق لهم إلّا بعد الصبر والثبات، والتي يلجأون فيها إلى الدعاء لكي ينالوا حظاً منها، ويصبحوا متوكلين، فائزين، مقرّبين.

1- المتوكلون

يرتبط التوكّل الحقيقيّ بما يعيشه المؤمن من توحيد حقيقيّ لله عزَّ وجلَّ، إنّ من مراتب التوحيد الحقيقيّ هي تلك المرتبة التي يتمكّن الإنسان وبوضوحٍ من أن يقطع أمله أو رجاءه من كافَّة الأسباب الدنيويَّة والمادّية، ليتعلّق قلبه بالله عزَّ وجلَّ وحده، لأنّه يرى كلَّ شيء يجري في هذا الكون إنَّما يجري بإرادة الله عزَّ وجلَّ.

إنَّ عليك أيَّها المؤمن بالله، حيث تكرِّر في كلِّ يومٍ شهادة التوحيد، فتُجري على لسانك كلمة: "لا إله إلّا الله"، أن تسعى لاستحضار مفهوم التوحيد الحقيقيّ والذي ينعكس على حياتك اليوميّة وأسلوب تعاملك مع كلِّ من يحيط بك، فإنَّك بذلك تستكمل حقيقة الإيمان ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا يُكمل عبدٌ الإيمانَ بالله حتَّى يكون فيه خمس خصال: التوكّل على الله، والتفويض إلى الله، والتسليم لأمر الله، والرضا بقضاء الله، والصبر على بلاء الله. إنّه من أحبَّ في الله، وأبغضَ في الله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان"1.

وورد في قصّة إبراهيم عليه السلام لمّا أمر نمرود بجمع الحطب ليُحرقه بالنار عقاباً له على تحطيمه لأصنامهم فأوقدوا النار وعجزوا عن رمي إبراهيم، فعمل لهم إبليس المنجنيق فرُمي به، فتلقَّاه جبرائيل في الهواء فقال: "هل لك من حاجة؟ فقال: أمّا إليك فلا! حسبي الله ونعم الوكيل، فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أخمدت النار فإنَّ خزائن الأمطار والمياه بيدي؟ فقال: لا أريد! وأتاه ملك الريح فقال: لو شئت طيّرت النار؟ قال: لا أريد! فقال جبرئيل: فاسأل الله، فقال: حسبي من سؤالي عِلمُهُ بحالي"2.

2- الفائزون

قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾3.

تختصر الآية الكريمة الفوز بأنّه عبارة عن الابتعاد عن جهنّم ودخول الجنّة. كما تتحدّث الآية عن أنَّ السبب في كونه من الفائزين، هو أن ذلك الذي أصيب بالخسران الأخرويّ، فإنّه نال نصيبه من الدنيا، وهذه الدنيا مهما نال منها الإنسان فهي ليست سوى متاع الغرور، لأنّ مصيرها إلى الزوال والفناء، والآخرة دار البقاء.

إنَّ من أعظم ما ينبغي أن يتأمَّل المؤمن فيه عندما يقايس بين الدنيا والآخرة، أنّه لو نال هذه الدنيا بأعظم ما فيها، ولم يعِش حرماناً فيها أبداً، فإنّ مصير ذلك كلِّه إلى زوال، في أيّ لحظة يحلّ بك الموت، فإنّ كلَّ ما جمعته مصيره الانقطاع، لتنتقل إلى عالم الآخرة وهي العالم الذي لا زوال فيه.

ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "المُنفق عمرَه في طلب الدنيا خاسر الصفقة عادم التوفيق"4.

ولكن الأعظم خسراناً هو ذلك الذي خسر الدنيا والآخرة، فلم تكن دنياه راحة له، وينتظره عذاب جهنّم في آخرته، وأعظم من ذلك شقاءً ذاك الذي حرم نفسه ملذَّات الدنيا وعاش العبادة والطاعة لله، ولكن ذلك لم يكن خالصاً لله، فلم يفز برضوان الله في الآخرة، فقد ورد في الرواية عن الإمام علي عليه السلام وقد سئل: من العظيم الشقاء؟ فقال: "رجلٌ ترك الدنيا للدنيا ففاتته الدنيا وخسر الآخرة، ورجل تعبَّد واجتهد وصام رياءً للناس فذاك حُرِم لذّات الدنيا من دنيانا ولحقه التَّعب الذي لو كان به مخلصا لاستحقّ ثوابه"5.

وبأروع بيانٍ وبأحسن تعبير تحدّثنا الآية الكريمة عن هذا الذي كان يتقرَّب إلى الله وهو يظنُّ أنّه يحسن العمل، ولكن واقعه كان على خلاف ذلك، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً*الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾6.

3- المقربون

يحدّثنا القرآن الكريم عن المقرّبين ويعرِّفهم بصفةٍ بارزة، يقول تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ﴾7.

فأيّ سبق هو الذي يحوز به الإنسان مقام القرب الإلهيّ؟ هل تدبّرت يوماً في هذه الآية؟ هل نظرت في أنّ بإمكانك أن تكون من هؤلاء؟ إنّ الطريق أمامك واضح، كن سبّاقا إلى الخير، تكن من المقرّبين. إنَّ هذا السبق هو السبق إلى مقام العبوديّة لله، بإخلاص الطاعة له، "ولا تكمل العبوديّة إلّا بأن يكون العبد تبَعا محضاً في إرادته وعمله لمولاه لا يريد ولا يعمل إلّا ما يريده، وهذا هو الدخول تحت ولاية الله فهؤلاء هم أولياء الله"8.
 

1- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج74 ص 177.
2- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج68 ص 156.
3- آل عمران:185.
4- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج1 ص740.
5- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج69 ص 301.
6- الكهف:104.
7- الواقعه:10الى14.
8- تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج19 ص121.