دعاء اليوم الخامس والعشرين "اللّهمَّ اجعلني فيه محبّاً لأوليائك، ومعادياً لأعدائك، مستنّاً بسنّة خاتم أنبيائك، يا عاصم قلوب النبيّين". تتحدّث فقرات هذه الدعاء، عن بعض علامات المؤمن والمتمثِّلة بحبِّ أولياء الله وبغض أعدائه والاقتداء بسنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. لذا سنتعرّض لبحث الحبّ والبغض، وللنبيّ القدوة. 1- الإيمان هو الحب والبغض الإيمان فعلٌ من أفعال القلب، لا من أفعال الجوارح والأعضاء، وهذه الأفعال التي تصدر عن الإنسان ترجع في أساسها إلى الإيمان الذي هو فعل القلب، فما هو هذا الإيمان؟ تختصر لنا الرواية الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام "الإيمان بكلمة الحبّ، قال: هل الدين إلّا الحب؟! إنّ الله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾1"2. إنّ هذا القلب إذا تعلّق بمحبوبٍ، أخلص له الطاعة والودّ، فهل يُمكن لحبيبٍ أن يؤذي من يُحبّ؟! وإذا كان حبُّ المؤمن هو الله عزَّ وجلَّ، فإنّ الطاعة لا بدّ وأن تكون خالصةً لله، فلا يُعصي الله، لأنَّه مخالف لحبِّ الله عزَّ وجلَّ. وهكذا حال القلب مع كلِّ من يتعلَّق بالمحبوب، فالحبُّ لله يؤدّي إلى محبَّة أولياء الله، وبُغض أعداء الله عزَّ وجلَّ، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾3. وهذا ما ترشدنا إليه فقرات الدعاء، فالمؤمن يطلب من الله عزَّ وجلَّ أن يجعله محبَّاً لأوليائه, لأنّ ذلك قوام الإيمان، وبذلك يظهر الارتباط الوثيق بين الإيمان وبين محبَّة الرسول وأهل بيته، وفي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه، وأهلي أحبّ إليه من أهله، وعترتي أحبّ إليه من عترته، وذريّتي أحبّ إليه من ذريّته"4. وأمّا بغض أعداء الله فهو الركن الثاني في الإيمان، فلا إخلاص في الحبّ لله مع حبِّ أعداء الله، بل متى وجد حبّ الله وحبّ أولياء الله في قلب الإنسان، فلا بدّ وأن يقترن مع بغض أعداء الله وأعداء أولياء الله، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "أوثق عرى الإيمان: الحبُّ في الله، والبُغض في الله، وتوالي أولياء الله والتبريّ من أعداء الله"5. 2- النبي, القدوة الحسنة قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيراً﴾6. إنّ الاقتداء برسول الله يتفرّع على الإيمان به، وعلى محبّته، وهذا أمر جُبلت عليه الفطرة الإنسانية، فإذا كان الإنسان محبّاً لشخص تأثّر به في حركاته وأفعاله، ولذا كان تأثير الفعل أقوى من تأثير القول. وكذلك ترشدنا الآية الكريمة إلى أنَّ الاقتداء برسول الله ينبع من كونه الأسوة الحسنة، أي إذا كان هدف الإنسان هو الآخرة، ولقاء الله عزَّ وجلَّ، فإنّ الطريق الوحيد والسبيل للوصول إلى ذلك، هو اتِّباع النبيّ في كلِّ ما أمر به أو نهى عنه. إنّ الدافع للاقتداء برسول الله يتمثَّل في صفاتٍ ثلاث ذكرتها الآية وهي الإيمان بالله عزَّ وجلَّ، والإيمان بيوم القيامة، وذكر الله. لعلَّ العنصر الذي علينا أن نغفل عنه في حياتنا هو الأخير، أي ذكر الله، لأنّ هذا الذكر الذي يرتبط بالقلب والعقل لا باللسان فقط هو الذي يكون مؤثِّرا على عمل الإنسان. 1- آل عمران:31. 2- الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 ص 80. 3- التوبة:24. 4- الأمالي - الشيخ الصدوق - ص 414. 5- الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 ص 125. 6- الاحزاب:21. |