الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم الرابع عشر

"اللّهمَّ لا تؤاخذني فيه بالعثرات، وأقلني فيه من الخطايا والهفوات، ولا تجعلني فيه غرضا للبلايا والآفات، بعزّتك يا عزّ المسلمين".

لا بدَّ للإنسان من أن يلجأ إلى الله عزَّ وجلَّ، فيدعوه بما يتعلّق بدنياه وآخرته، وهذا ما تتحدّث عنه فقرات هذا الدعاء.

1- العثرات والمغفرة

إنَّ من أعظم ما يمكن أن يتدارك به الإنسان ما يرتكبه من الذنوب أن يُقرَّ بهذه الذنوب إلى الله عزَّ وجلَّ، معترفاً له بخطئه وبأنَّ مغفرتها بيده وحده.

ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "والله ما خرج عبد من الذنب الا بالإقرار"1.

إنَّ ما تضمَّنه هذا الدعاء يُشير إلى أمرٍ تربويّ مهمٍّ وهو أنَّ الإنسان في إقراره بالذنب، يعترف أنَّ هذا الذنب صدر منه غفلةً وهفوةً، وأنَّه غير قاصدٍ إطلاقاً للتجرّؤ على الله عزَّ وجلَّ، ولهذا نلجأ إلى الله عزَّ وجلَّ في الإعتراف بالذنب بلسانٍ خاص: "إلهي! لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيّتك جاحد ولا بأمرك مستخفٍّ ولا لعقوبتك متعرّض ولا لوعيدك متهاون، لكن خطيئة عرضت وسوَّلت لي نفسي وغلبني هواي وأعانتني عليها شقوتي وغرَّني سترك المرخى عليّ"2.

إنّ فائدة الإقرار وكما ذكر علماؤنا الأجلاء تتلخّص في أمور:

أ- الإنقطاع إلى الله،
فإنَّ الإنسان إنَّما يُقرّ متى لم يجد حيلة ولا سبيلاً للخلاص من ذنب اقترفه إلّا الإعتراف به، أو إذا أنّبه ضميره فعلم أنَّ عليه أن يعترف. فكذلك حال المقرّ بالذنب إلى الله، فإنّه يعلم أنَّ بيده العفو والمغفرة، وأنَّ الإنكار لا ينفعه.

ففي دعاء السحَر للإمام زين العابدين عليه السلام: "... فقد عصيتك وخالفتك بجُهدي، فالآن من عذابك من يستنقذني ومن أيدي الخصماء غداً من يخلِّصني وبحبل من أتَّصل إن أنت قطعت حبلك عنّي"3.

ب- انكسار القلب،
فإنَّ الذي يعترف بلسانه بما فعله من ذنب، قد انكسر قلبه لمن يقرّ أمامه، ولولا انكسار القلب هذا لما أقدم على الاعتراف والإقرار.

ج- الإقرار وسيلة لمغفرة الذنب،
فنحن نشاهد اليوم كيف يشكِّل الاعتراف في المحاكم المدنيَّة سبباً لتخفيف العقاب عن المقِرّ والمعترف، فالاعتراف أمام الله بالذنب هو أيضاً وسيلة لذلك، وهذا ما ورد به دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في السحر: "إلهي كأنّي بنفسي واقفة بين يديك، وقد أظلّها حسن توكّلي عليك، ففعلت ما أنت أهله، وتغمَّدتني بعفوك، إلهي فإن عفوت فمن أولى منك بذلك؟ وإن كان قد دنا أجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الاقرار بالذنب إليك وسيلتي"4.

2- الاستعاذة بالله من البلاء

إنَّ هذا الإنسان في هذه الدنيا هو في معرَض الابتلاء والمصائب على الدوام، ولذا نقرأ في كلمات الإمام علي عليه السلام وهو يصف حال الإنسان في هذه الدنيا: "المؤمِّل ما لا يدرك، السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام ورهينة الأيام. ورميّة المصائب. وعبد الدنيا. وتاجر الغرور. وغريم المنايا. وأسير الموت. وحليف الهموم. وقرين الأحزان. ونصب الآفات. وصريع الشهوات، وخليفة الأموات"5.

إنَّ التأمل في كلمات الإمام هذه ترشدنا إلى حالة هذا الإنسان في هذه الدنيا، تتقاذفه البلاءات فيُصبح غرضاً لها، فهو إمّا أن يعيش أملاً كبيراً لا يستطيع أن يُدركه مهما بذل من جهد، لأنّ الدنيا محدودة دائماً، ومصيرها الفناء والزوال، وإمّا يسير على ما سار عليه من سبقه وهو يرى أنَّهم أصبحوا هلكى لا أثر لهم ولا حول لهم. وهو إمّا أن يكون مبتلى بأنواع الأمراض لا يشفى منها، وإن شفي من مرض ابتلي بآخر، وإن سلم من المرض فهو رهينة للأيام، لا يعلم ما يخبِّئ له غده، فالأيام هي التي تحكم عليه، والمصائب تتوالى عليه، فكأنها جعلته هدفا تصوّب إليه سهامها.

وأصعب البلاءات هو البلاء الذي لا يلاحظه الإنسان، إنَّه معصية الله، وعبادة الدنيا، هذا الذي يقدّم مصالح دنياه على مصالح آخرته، فهو يَدخل في تجارة خاسرة، وكيف لا تكون خاسرة وهو يدفع ثمناً كبيراً هو الجنّة وما فيها من نعيمٍ مقيمٍ، لأجل متاع الدنيا الذي يصفه القرآن بأنّه غرور.

نعم على الإنسان أن يدعو الله على أن يُسلَّمه من البلاء، ولكن أيّ بلاء هذا الذي تستعيذ بالله منه، إنّه البلاء الذي يَخرج بك عن طاعة الله، يُروى عن أبي ذر رضوان الله عليه أنّه قال: "ثلاثة يبغضها الناس وأنا أحبّها: أحبّ الموت، وأحبّ الفقر، وأحبّ البلاء: هذا ليس على ما يروون، إنَّما عنى: الموت في طاعة الله أحبّ إلي من الحياة في معصية الله، والفقر في طاعة الله أحبّ إليّ من الغنى في معصية الله، والبلاء في طاعة الله أحبّ إليَّ من الصحة في معصية الله"6.

إنّ من الآفات التي عليك أن تستعيذ بالله منها، وتسأل الله أن يبعدها عنك، آفة حبّ الهوى، الذي يدفعك إلى ارتكاب المعاصي، وهو الذي ورد في الروايات أنّه آفة الدّين.

إنَّ كلَّ صفةٍ من الصفات الحميدة، وكلَّ خُلُقٍ من الأخلاق الحسنة، له آفة، إذا أُصيب الإنسان بتلك الآفة، انقلب من محاسن الأخلاق إلى مساوئها، ومن التحلّي بتلك الصفات، إلى التخلّي عنها والابتلاء بالأمراض الخلقيّة، وهذا ما على الإنسان أن يلجأ إلى الله عزَّ وجلَّ ضارعاً إليه أن يرفعها عنه.

1- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج90 ص318.
2- الصحيفة السجادية - ص224.
3- م.ن
4- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس - ج3 ص296.
5- نهج البلاغة, وصية الإمام لولده الإمام الحسن عليه السلام.
6- الكافي - الشيخ الكليني - ج8 ص222.