الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم الرابع والعشرين

"اللّهمَّ إني أسألك فيه ما يرضيك، وأعوذ بك ممّا يؤذيك، وأسألك التوفيق لأن أطيعك ولا أعصيك، يا جواد السائلين".

لا شكَّ في أنّ الوصول إلى رضا الله عزَّ وجلَّ والابتعاد عن سخطه والاستعاذة به من سخطه هو الغاية للمؤمن، ولكن كيف ذلك؟ هذا ما سنشير إليه في هذه الفقرات.

1- الاجتناب عما يؤذي الله

هل هناك ما يؤذي الله؟ سؤال قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين، فالله هو القاهر الذي لا يقهره أحد، فكيف يمكن أن تتحقَّق أذيّته؟

والجواب هو أنّ الأذيّة قد تتحقّق بالإساءة إلى الشخص مباشرةً، وهذا أمر غير ممكنٍ لأيّ مخلوق في حقّ الخالق، فلا قدرة فوق قدرة الله، حتّى تُوصل الأذى إليه.

ولكن من الأذى ما يلحق بالآخر بشكلٍ غير مباشرٍ، كما لو آذى قريباً أو عزيزاً أو محبّاً، فإنّ ذلك يؤدّي إلى أذيّة ذلك الشخص.

فأنت أيَّها الإنسان أعجز من أن تؤذي الله عزَّ وجلَّ، لأنّك مخلوق ضعيفٌ عاجز أمام القدرة الإلهيّة، ولكنّك تملك القدرة على أذيّة خلق الله، وهذا أمر يؤذي الله عزَّ وجلَّ، فاحترز من أّذيّة الله1.

ففي الرواية الإمام الصادق عليه السلام: "قال الله عزَّ وجلَّ: ليأذنَ بحربٍ منّي من آذى عبديَ المؤمن".

ويحدّثنا القرآن الكريم عن الأذى الذي لحق بالمؤمنين في أوّل الدعوة فيقول: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ الله وَالله عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾2.

فهؤلاء قوم أعاروا الله نفوسهم فبذلوا كلَّ شيء في سبيله وتحمّلوا الأذى لأجله، وكانت نتيجة ذلك أن تنالهم المغفرة الإلهيّة.

2- الاستعاذة

قال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِالله إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾3.

إنّ من أنواع الأذى الذي يرتكبه الإنسان بحقِّ خالقه هو المعصية والذنب. لأنّ في المعصية تجرؤا على المولى وهتكاً لحرمته، ولذا ورد في الرواية عن رسول الله: "لا تنظروا إلى صغر الذنب ولكن انظروا إلى من اجترأتم"4.

ولذا كان على الإنسان أن يستعيذ بالله من المعصية، لأنّها استعاذة بالله ممّا يؤذي الله عزَّ وجلَّ.

والاستعاذة بالله لا تكون فقط بترديد الاستعاذة باللسان، بل على الإنسان أن يلجأ إليه جلّ وعلا في الفكر والعقيدة والعمل أيضا، مبتعِداً عن الطرق الشيطانيّة والأفكار المضلّلة الشيطانيّة، والمناهج والمسالك الشيطانيّة والمجالس والمحافل الشيطانية، ومتّجها على طريق المسيرة الرحمانيّة، وإلا فإنّ الإنسان الذي أرخى عنان نفسه تجاه وساوس الشيطان لا تكفيه قراءة هذه السورة ولا تكرار ألفاظ الاستعاذة باللسان.

إنّ الاستعاذة تعني أن يتوسّل الإنسان بالأسباب التي جعلها الله عزَّ وجلَّ سبيلاً وطريقاً للتخلّص من مساوئ الأخلاق التي تؤدّي إلى الهلاك، وتشرح الرواية عن الإمام زين العابدين عليه السلام ذلك في دعائه في الاستعاذة من المكاره وسيّئ الأخلاق ومذام الأفعال: "اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من هيجان الحرص، وسورة الغضب، وغلبة الحسد، وضعف الصبر، وقلّة القناعة، وشكاسة الخلق"5.

والاستعاذة كما تكون من شيطان الجنّ ينبغي أن تكون من شيطان الإنس أيضاً، وهذه الاستعاذة هي التي وردت بها آيات الله ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾6.

وهذه الاستعاذة تكون بالابتعاد عن شرار الناس، وأهل المعاصي، فعشرتهم تقرّب إلى الإنسان المعصية وتبعّده عن الطاعة، فينبغي له اجتناب عشرتهم، ويطلق القرآن على هذا الإنسان الذي يدعو إلى المعصية تسمية القرين يقول: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾7.
 

1- الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 ص 351.
2- آل عمران:195.
3- الأعراف:200.
4- بحار الأنوار - العلّامة المجلسي - ج 74 ص 169.
5- الصحيفة السجّاديّة الكاملة - ص57.
6- الناس:4-6.
7- فصلت:25.