الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم السابع عشر

"اللّهمَّ اهدني فيه لصالح الأعمال، واقض لي فيه الحوائج والآمال، يا من لا يحتاج إلى التفسير والسؤال، يا عالماً بما في صدور العالمين، صل على محمد وآله الطاهرين".

على الإنسان أن يسأل الله عزَّ وجلَّ في كلِّ حال، حتَّى في العمل الذي يأتي به فهو لا يعلم صالحه إلّا من الله، والإتّكال على الله لأنّ من أسمائه الحسنى العليم، فهو العليم بما في الصدور. ونتعرّض من خلال هذا الدعاء، لصالح الأعمال، والدعاء بطلب الحوائج.

1- صالح الأعمال

إنَّ العمل الصالح هو قوام الحياة الطيَّبة كما ورد في قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾1.

ولكن المشكلة التي قد يقع بها الإنسان هو متى جاء بعملٍ ما بإعتقاد أنّه عمل صالح، ولكنّه كان سيئاً، وهذا هو الذي يؤكِّد أهميّة الفقرة الأولى من هذا الدعاء، وذلك من خلال التوجّه إلى الله بطلب الهداية لصالح الأعمال.

يصف الله عزَّ وجلَّ من لا يوفق للعمل الصالح نتيجة جهله بأنّه الأخسر عملاً، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾2.

يتعرّض العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان لهذه الآية فيقول: "يخسر وهو يُذعن بأنّه يربح، ويتضرّر وهو يعتقد أنّه ينتفع، لا يرى غير ذلك، وهو أشدُّ الخسران لا رجاء لزواله. ثمّ الإنسان في حياته الدنيا لا شأن له إلّا السعي لسعادته ولا همَّ له فيما وراء ذلك فإن ركب طريق الحقّ وأصاب الغرض وهو حقّ السعادة فهو، وإن أخطأ الطريق وهو لا يعلم بخطئه فهو خاسر سعياً لكنّه مرجو النجاة، وإن أخطأ الطريق وأصاب غير الحقّ وسكن إليه فصار كلما لاح له لائح من الحقّ ضربت عليه نفسه بحجاب الإعراض وزيّنت له ما هو فيه من الاستكبار وعصبيّة الجاهليّة فهو أخسر عملاً وأخيب سعياً، لأنّه خسرانٌ لا يُرجى زواله ولا مطمع في أن يتبدّل يوماً سعادة"3.

إنَّ هذه الحجب التي تُصيب القلب نتيجة ارتكاب الذنوب تجعل الإنسان بعيداً عن الحقّ للغاية، وطلب الهداية من الله كما يتوقّف على الدعاء، كذلك يتوقَّف على اجتناب المحرّمات والسيئات.

لقد دعا الإسلام إلى العلم والتعلَّم ومجالسة العلماء والتفكير وغير ذلك، وهو يرمي بهذا كلِّه لكي يدفع الإنسان لمعرفة العمل الصالح الذي ينفعه في آخرته. وبهذا نفسّر ما ورد من أنّ ركعة من عالمٍ بالله خير من ألف ركعَة من متجاهلٍ بالله.

2- الدعاء فى طلب الحوائج

لقد ورد الحثُّ الشديد في الآيات والروايات على الدعاء، وأنّه باب من الأبواب فتحه الله عزَّ وجلَّ لعباده.

وطلب الحوائج من الله لا يختصُّ بالأمور العظيمة أو الخطيرة التي تُحيط بهذا الإنسان بل حتَّى صغائر الأمور على الإنسان أن يتوسَّل إلى الله ليُنفّذها له، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "عليكم بالدعاء، فإنَّكم لا تقربون إلى الله بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار"4.

والدعاء بابٌ من أبواب الارتباط بالله عزَّ وجلَّ، نعم أيّها الداعي! إنّ الله عزَّ وجلَّ بكلِّ شيءٍ محيطٍ فهو غنيّ عن التفسير والسؤال، ولكن هذا لا يمنع من الدعاء.

ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل بعض الحوائج والمسائل مرتبطة بالدعاء فلا يكتبها للعبد إلّا إذا دعا الله بها، ولذا ورد في كلام أمير المؤمنين وصف الدعاء بأنّه مفتاح بيد العبد يصل من خلاله إلى خزائن الله عزَّ وجلَّ، وهل يمكن أن يصل إلى تلك الخزائن دون أن يتوسّل بهذا المفتاح؟!

يقول عليه السلام في وصيته لابنه الحسن عليه السلام: "اعلم أنَّ الذي بيده خزائن ملكوت الدنيا والآخرة قد أذن لدعائك، وتكفَّل لإجابتك، وأمرك أن تسأله ليُعطيك، وهو رحيمٌ كريم، لم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يُلجِئك إلى من يشفع لك إليه... ثمَّ جعل في يدك مفاتيح خزائنه بما أذن فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه".

والدعاء كما يكون باباً لقضاء حوائج الإنسان الدنيويّة فإنّه بابٌ للوصول إلى مقامات عُليا عند الله، فثواب الدعاء وغايته لا تنحصر بقضاء الحوائج الدنيويّة، بل للداعي منزلةٌ عند الله عزَّ وجلَّ، ففي الرواية عن النبيّ صلى الله عليه وآله: "يدخل الجنّة رجلان كانا يعملان عملاً واحداً، فيرى أحدهما صاحبه فوقَه، فيقول: يا ربِّ بما أعطيته وكان عملُنا واحداً؟ فيقول الله تبارك وتعالى: سألني ولم تسألني"5.

إنّ هذا الشهر المبارك هو شهر التقرّب إلى الله عزَّ وجلَّ، وقد ورد الحثّ فيه على كثرة الدعاء، كما وردت أدعية خاصّة بأيّامه ولياليه، فاسع لتنال مقام القرب من الله عزَّ وجلَّ، عبر التوسل بهذه الأدعية.

نعم لا بدَّ للداعي من المحافظة على الآداب الخاصّة بالدعاء، معنويّةً كانت أو ظاهريّة شكليّة.
 

1- النحل:97.
2- الكهف:103- 104.
3- تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي - ج13 ص400.
4- الكافي - الشيخ الكليني - ج2 ص467.
5- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج8 ص222.