الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم السادس

"اللهم لا تخذلني فيه لتعرض معصيتك, وضربني بسياط نقمتك, وزحزحني1 فيه من موجبات سخطك بمنك وأياديك, يا منتهى رغبة الراغبين".

كما ترتبط الطاعة والمعصية بأسبابَ مادّية ومُغريَات دنيويّة، كذلك ترتبط بأسباب غيبيّة، فالعاصي شخصٌ خذله الله، فاستحقَّ نقمة الله وعذابه. ولا بتحقق الخلاص إلّا بالتوسّل بإحسان الله.

1- الخذلان سبب للمعصية

لا تكفي قدرة الإنسان على اجتناب المعاصي أو أداء الطاعات ليكون من المحسنين الصالحين، فإنَّ هذه القدرة موجودة حتَّى لدى الكافر والفاسق، ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ يخصُّ المؤمن بالتوفيق وهو المعنى المقابل للخذلان، وهذا التوفيق هو الذي يجعله مؤمناً مطيعاً، وتشرح لنا الرواية عن الإمام الكاظم عليه السلام لرجل سأله: "أليس أنا مستطيع لما كُلِّفت؟ قال عليه السلام: ما الاستطاعة عندك؟ قال: القوّة على العمل، قال له عليه السلام: قد أُعطيت القوّة إن أُعطيت المعونة، قال له الرجل: فما المعونة؟ قال: التوفيق، قال: فلم إعطاء التوفيق؟ قال: لو كنت موفَّقا كنت عاملا، وقد يكون الكافر أقوى منك ولا يُعطى التوفيق فلا يكون عاملا"2.

إذاً، عليك أيَّها الراغب في طاعة الله، الملتزم بصيام شهر الله، أنْ تسألَ الله أن يكتب لك هذا التوفيق للطاعة، وإلا فهذه القدرَة المودَعة لديك لا تكفي ليُكتب لك النجاح والفلاح.

إنّنا نردّد دائماً قول (لا حول ولا قوّة إلّا بالله)، ولكن هل تأمّلنا شيئاً في مدلولها؟ يشرح الإمام الباقر عليه السلام مدلول هذه الآية فيقول: "لا حولَ لنا عن معصية الله إلّا بعونِ الله، ولا قوّة لنا على طاعة الله إلّا بتوفيقٍ الله عزَّ وجلَّ"3.

كما أنّ المعصية لا تصدر إلّا متى سُلب الإنسان التوفيق، فكذلك كثرة المعاصي تؤدّي بالإنسان إلى المزيد من الخذلان، وهكذا حتَّى يغرق شيئاً فشيئاً في الذنوب فلا يخرج منها إلّا وقد دنا به عُمره إلى قبره، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "إنَّ المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتَّى توقعَه بما هو أعظم منها"4.

2- سياط النقمة الإلهية

من الأسماء الحسنى الإلهيّة اسم "المُنتقم"، والنقمة هي العذاب الذي ينزل بالمذنب ويكون في غاية الشدّة بحيث لا يجد له منه منفذاً إلّا اللجوء إلى الله عزَّ وجلَّ. والنقمة من الله عزَّ وجلَّ لا تكون عن حاجةٍ منه إليها, بل لأنّ العبد مستحقّ لها، ولذا قرن الله عزَّ وجلَّ صفة النقمة بالعزّة قال تعالى: ﴿وَالله عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾5.

إذا تحقَّقَ الخذلان بسببِ ارتكاب الإنسان للمعاصي، فإنّ هذا العبد المخذول، سوف يكون مستحقاً ليُضرب بسياط النقمة الإلهيّة. والنقمة لا تختصّ بالعقاب الأخرويّ، بل إنّ الكثير من العذاب الدنيويّ الذي نزل بالأُمم السالفة ممّن عصى الله وكفر به كان مصداقاً للانتقام الإلهيّ، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "أما إنّه ليس من عِرْق يُضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلّا بذنبٍ، وذلك قول الله عزَّ وجلَّ في كتابه: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾6، ثمّ قال: وما يعفو الله أكثر ممَّا يؤاخذ به7.

3- التوسل بصفة الإحسان الإلهي

كيف لنا نحن المذنبون أن نكون في أمانٍ من سياط النقمة الإلهيّة؟ إنَّ أوّل أبواب ذلك هو السعي لاجتناب المعاصي، وتربية هذه النفس على الطاعة لله عزَّ وجلَّ، ولكنّ هذا الدعاء يفتح لنا باباً آخر، إنَّه التوسّل والتمسّك بصفة الإحسان الإلهيّ، فمن الأسماء الإلهيّة الحسنى صفة "المنّان"، وهذه الصفة هي التي يعلِّمنا الإمام زين العابدين عليه السلام في دعاء السحَر التمسّك بها إذ يقول: "اللّهمَّ أنت القائلُ، وقَولُك حقٌ ووعدُك صدق: واسألوا اللهَ من فضلِه إنَّ الله كان بكلّ شيء عليماً، وليسَ من صفاتِكَ يا سيّدي أن تأمرَ بالسؤال وتمنعَ العطيّة، وأنت المنّان بالعطيّات على أهلِ مملكتك، والعائدُ عليهم بتحنُّنِ رأفتك"8.

ولذا لا ينبغي للإنسان أنْ يَعيش اليأس من المغفرة الإلهيّة مهما وصلت به الذنوب، ولذا قرن الله عزَّ وجلَّ في كتابه بين الرحمة والغضب، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾9.
 

1- أبعدني.
2- فقه الرضا - علي بن بابويه - ص 351.
3- معاني الاخبار - الشيخ الصدوق - ص 22.
4- جامع أحاديث الشيعه - السيد البروجردي - ج13 ص 324.
5- آل عمران:4.
6- الشورى:30.
7- الكافي - الشيخ الكليني - ج2 ص 269.
8- الدعاء المعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي.
9- الرعد:6.