الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم السادس عشر

"اللّهمَّ وفّقني فيه لموافقة الأبرار، وجنّبني فيه مرافقة الأشرار وآوني فيه برحمتك إلى دار القرار بإلهيّتك يا إله العالمين".

إنَّ المحيط الذي يعيش فيه الإنسان له تأثيره على فعل الإنسان واقترابه من الطاعات وابتعاده من المعصيات، ولذا كانت الهداية توفيقاً إلهيّا يرتبط بالظروف المحيطة بالإنسان. ونحن سنتعرض لأمرين أشار لهما الدعاء، هما على طرفي النقييض: موافقة الأبرار ومرافقة الأشرار.

1- موافقة الأبرار

كما يكون البرُّ بالوالدين من خلال الالتزام بالطاعة لهما، وعدم فعل ما يؤذيهما، فإنّ الطاعة لله عزَّ وجلَّ تكون أيضاً بالالتزام بالطاعة لله. فالأبرار هم الذين التزموا طاعة الله عزَّ وجلَّ، وابتعدوا عن كلِّ ما يسخطه سبحانه عزَّ وجلَّ، والموافق للأبرار هو الذي يشبَههم في هذه الصفة.

فمن هم هؤلاء الأبرار الذين يتمنّى الإنسان موافقة عملهم لعمله؟ لو رجعنا إلى كتاب الله لوجدنا أنَّ الأبرار هم عبارة عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، قال تعالى: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً *عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً﴾1.

لنتأمل قليلاً في هذه الصفات التي ذكرها الله عزَّ وجلَّ للأبرار وهي التالية:

أ- الالتزام بما عاهدوا الله عليه (يوفون بالنذر)، والإنسان متى آمن بالله، وآمن بالنبيّ، فإنَّه قد عاهد الله والنبيّ على الطاعة له، فهم لا يرتكبون معصية.
ب- الخوف الدائم، إنّها حالة الخوف التي على الإنسان أن يعيشها، وهذا الخوف هو الخوف من عذاب يوم القيامة وما فيه من عذاب، لا يمكن مقايسته بعذاب الدنيا.
ج- الفعل حبّاً لله، إنَّ الفعل عندما يصدر منهم، يكون نابعاً من صفة في قلبهم هي صفة الحبّ لله.
د- الإتيان بالفعل لوجه الله، فهم لا يطلبون جزاء دنيويّاً من أحد، بل يريدون الله عزَّ وجلَّ بما يُقدِمون عليه من عمل.

إذا كانت هذه هي الصفة الحقيقيّة للعمل الذي يأتي به الأبرار، وأنت أيّها المؤمن الطالب لرضا الله، تسعى لموافقة الأبرار، فإنّ عليك أن تسعى للإتيان بالطاعات التي يلتزم بها الأبرار، وأن تسعى لتأتي بهذه الطاعات على النحو الذي يأتي به الأبرار.
فتشهّدوا إنْ لم تكونوا مثلهم إنّ التـشـبّـه بـالكـرام فـلاحُ

إذاً، موافقة الأبرار كما تكون في أصل الإتيان بالعمل من طاعة، واجتناب السيئة، تكون في كيفيّة الإتيان بالعمل، فتأتي به مع الخوف الدائم، والشعور بحبِّ الله، ولا تطلب من غير الله جزاءً على عملك الذي قمت به، فإذا اجتمعت هذه الأمور كنت موافقاً للأبرار.

2- مرافقة الأشرار

إنَّها العشرة التي تؤثِّر على حياة هذا الإنسان فتجعله من الأخيار أو من الأشرار، ولذا ورد التحذير الشديد من اختيار رفقة السوء، والحثّ على حُسن اختيار الأصدقاء.

ولكن كيف صوّر لنا القرآن صورة الإنسان عند عشرة الأشرار أو قرناء السوء؟ بدايةً يعتبر القرآن الفاعل للمعاصي قريناً للشيطان، فهو شخص قد صاحب الشيطان ونتيجة لعشرته له خرج عن طاعة الله، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾2. إنَّ الإنسان الذي يُعرض عن الله عزَّ وجلَّ لا بدّ وأن يتّجه ناحية الشيطان، فيُصبح الشيطان قريناً له، وأكبر مساوئ هذه الصحبة أنَّ هذا الشيطان يصوّر لقرينه هذا أنّهم في خط الهداية وهو أبعد ما يكون عن ذلك.

إنَّ النتيجة التي تترتَّب على عشرة الشيطان أنْ يأتي اليوم الذي يُظهر فيه الندم، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾3.

وأمَّا الصورة المقابلة التي يحكيها القرآن فهو صورة من نجا من مرافقة الشيطان، ﴿إِلاَّ عِبَادَ الله الْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَالله إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِي﴾4.

إنَّها قمَّة السعادة التي قد يصل إليها الإنسان، ولكن هذا الإنسان لا بدَّ وأن يتساءل وهو في غمرة سعادته عن سبب دخوله إلى هذا النعيم، وعمّا وقع له في هذه الدنيا، فيتذكَّر أنَّ رفيق سوءٍ كاد أن يُرديه، ولولا الهداية الإلهيّة لكان معه في الجحيم.

إنَّ طاعة الله، كما تحتاج إلى نيّةٍ صافيةٍ، تحتاج إلى مواظبةٍ تامّةٍ وكاملة، ليأمَن من كافَّة شباك الانحراف التي قد ينصبها إبليس لهذا الإنسان.
 

1- الإنسان:5-9.
2- الزخرف:36-37.
3- الزخرف:40-56.
4- الواقعة:40-56.