الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم التاسع عشر

"اللّهمَّ وفّر فيه حظّي من بركاته وسهّل سبيلي إلى خيراته، ولا تحرمني قبول حسناته، يا هادياً إلى الحق المبين"

تُضفي فقرات هذا الدعاء للإنسان بُعداً في النظر إلى الأمور، عليه أن يعتمد عليها الإنسان في حياته التي يعيشها. منها البركة في البعد المادي، ومنها الحسنات في البعد المعنوي.

1- البركة

يلجأ الكثير من الفاشلين - سواء كان فشلهم على المستوى الدينيّ أو الدنيويّ - إلى تبرير هذا الفشل بكلمة واحدةٍ هي "الحظّ"، فيرى أنَّ الحظ هو سبب في السعادة والشقاء دنيويّاً أو أُخرويّاً.

ولكنَّ التعاليم الإسلامية ترفض هذا التبرير، كما ترفض هذا المنطق، فالكون كلُّه خاضعٌ لنظام الأسباب والمسببات، حتَّى هذا المسمّى في العرف "الحظّ" هو أيضاً له أسبابه التي لو سلكها الإنسان واتَّبعها لناله شيءٌ من هذا الحظّ.

ولذا نجد أنَّ هذا الدعاء يُرشدنا إلى تعليمٍ وهو أن يلجأ الإنسان إلى مالك الأسباب ليرجو منه أن يوفّر له حظَّه من ذلك. مضافاً إلى التمسّك بالسُبل التي تسهّل الوصول إلى الخيرات.

إنَّ البركة هي النماء والزيادة، ولها أسبابها التي وردت في الآيات القرآنيّة التعرّض لها، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾1.

تتحدَّث الآية عن سببين في نزول البركة أحدهما فعلٌ بالقلب والآخر فعلٌ بالجسد، أمَّا فعل القلب فهو الإيمان، وأمَّا فعل الجسد فهو التقوى، إذاً من يجمع الإيمان والعمل الصالح يكون مستحقاً لأن تناله البركة الإلهيّة.

وأمَّا الذي يفقد واحداً منهما فلا يكون مستحقاً لذلك، فالذي يفقد الإيمان سوف يفقد البركة في عمله إذا كان عاملاً، وكذلك لا تنزل البركة على المؤمن الذي لا يعمل.

نعم، لا بدَّ من أن لا نغترَّ بالمظاهر، فليس من يملك المال يكون قد نال البركة، فإنَّ من هذه الزيادة ما قد يكون من الحرام، فلا تكون فيها البركة، ففي الرواية عن الإمام الكاظم عليه السلام لأحد أصحابه: "إنَّ الحرام لا يُنمي، وإن نمى لا يُبارك له فيه، وما أنفقه لم يؤجر عليه، وما خلَّفه كان زاده إلى النار"2.

إنَّ النظرة الخاطئة تنشأ من القصور في التفكير، فهذا المال الذي يجمعه من الحرام، لن يكون خيراً له في آخرته، بل سوف ينقلب شراً وضرراً عليه، ولذا لو كان جامع هذا المال يُدرك حقيقة ما سوف يصل إليه بسبب هذا المال فلن يرَ فيه أيّ بركةٍ أو خير.

2- الحرمان من الحسنات

تتحدَّث هذه الفقرة من هذا الدعاء عن نوعٍ آخر من الحرمان، هذا النوع الذي يَغفل عنه كثيرٌ من الناس، إنَّه الحرمان من طاعة الله، واكتساب الحسنات. وهو أعظم أنواع الحرمان، لأنَّه حرمان من النعيم الأبدي، والثواب الخالد الذي لا يَفنى ولا يزول.

إنَّ الحرمان يزداد متى ازدادت الأبواب المفتوحة أمام هذا الإنسان لينال الخير والثواب فلا يُقدِم على اكتسابه ورفع حرمانه، وحيث كان شهر رمضان هو الشهر الذي تُفتح فيه أبواب الرحمة الإلهيّة فإنَّ الحرمان يزداد لمن لم يوفَّق ليدخل في هذه الأبواب، ولذا ورد في خطبة الرسول صلى الله عليه وآله في استقبال شهر رمضان: "الشقيّ من حرم غفران الله...".

والموجب لهذا الحرمان كما ورد في الروايات هو ارتكاب الذنوب، ففي الرواية عن الإمام عليّ عليه السلام: لرجل شكى عن حرمانه صلاة الليل: "أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك"3.

كما أنَّ من موجبات ذلك أيضاً التسويف والتأخير، فالإنسان يُدرك الفضل ويعلم أبواب الخير، ولكنَّه يلجأ إلى تأخير ذلك، وكأنه ضامن لنفسه أن يعيش حتَّى يناله، فيَصل إلى حدٍ يضيع منه ذلك وفي الرواية عن الإمام عليّ عليه السلام: "من سبب الحرمان التواني"4.

إنّ حالة التسويف هذه إذا ابتلي بها الإنسان أدَّت به إلى الحرمان، ورد عن الإمام عليّ عليه السلام فيما كتبه إلى بعض أصحابه: "فتدارك ما بقي من عمرك، ولا تقل: غداً وبعد غدٍ، فإنّما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف، حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون"5.

إنَّ أعظم الحرمان هو أن يملك الإنسان المال فيبخل به فلا ينفقه في طاعة الله عزَّ وجلَّ، فينتقل من هذه الدنيا إلى الآخرة، وقد بَطلت فائدة هذا المال، فلا ينفعه في آخرته، فحاله كمن يملك المال في هذه الدنيا ويحرم نفسه ما أباحه الله له، ففي الرواية عن الإمام عليّ عليه السلام: "إنّ العبد إذا مات قالت الملائكة: ما قدّم؟ وقال الناس: ما أخَّر؟ فقدِّموا فضلا يكن لكم، ولا تؤخِّروا كيلا يكون حسرةً عليكم، فإنَّ المحروم من حُرم خير ماله، والمغبوط من ثقل بالصدقات والخيرات موازينه6.
 

1- الأعراف:96.
2- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج1 ص257.
3- الكافي - الشيخ الكليني - ج2 ص450.
4- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج74 ص208.
5- الكافي - الشيخ الكليني - ج2 ص136.
6- بحار الأنوار - العلامة المجلسي -ج74 ص383.