الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم الثاني

" اللهم قربني فيه إلى مرضاتك, وجنبني فيه من سخطك ونقامتك, ووفقني فيه لقراءة آياتك, برحمتك يا أرحم الراحمين".

يتضمّن هذا الدعاء ما يرغب فيه الإنسان المؤمن في علاقته مع الله عزَّ وجلَّ، والتي تعتمد على ثلاثة مفاهيم هي: القربُ من مرضاة الله، البعدُ عن سخط الله، والتوفيقُ لقراءة آيات الله عزَّ وجلَّ.

1- القرب من مرضاة الله

إنّ الإنسان المحبّ لله عزَّ وجلَّ، إذا وصل إلى درجة العشق لهذا المعبود، بعد أن عرفه تمام المعرفة، لا بدّ وأن يسعى لأن ينال رضاه، فيا أيّها الصائم الملتزم بحرمان نفسك من كثير ما ترغب، ضع أمامك هدفاً واضحاً تسعى إليه، وهو نيل رضا هذا المحبوب.

ونيل مرضاة الله, بأن تجعل ما تقوم به من أعمال في هذا السبيل، قال تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾1.

إنّ الثواب الذي يعد به العامل - الذي يجعل مرضاة الله هدفاً له - هو مضاعفة أجر هذا العمل. لأنّ الأعمال التي تقرّب الإنسان إلى الله ترتبط بشكلٍ أساسيٍّ بنيّة هذا العامل.

وورد في وصية لقمان عليه السلام لابنه: "يا بنيَّ, من يرِدْ رضوانَ اللهِ يُسْخِطُ نَفسَه كثيراً، ومن لا يُسخِطُ نَفسَهُ لا يُرضَى بِهِ"2.

فعليك أيّها الصائم، الذي تسخط نفسك بأن تلجأ إلى حرمانها ممّا ترغب، وأن تجعل ذلك سنّةً في حياتك، فتلجأ إلى حرمانها من كلّ ما يكون فيه سخط الله ورضا لهذه النفس.

ويرشدنا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى طريق نيل هذا الرضا الإلهيّ، والذي يتمثّل في طاعة الله في كلّ شيء، حتى تلك الأمور التي تراها صغيرةً بنظرك أيها الإنسان، يقول عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى أخفى أربعةً في أربعة: أخفى رضاهُ في طاعتِه، فلا تستصغرنّ شيئاً من طاعتِه فربّما وافقَ رضاهُ وأنت لا تعلَم ..."3.

إنّ من أصعب ما يبتلى به الإنسان, أن يجعل من رضا الناس همّاً له، وينسى أنّ الغاية هي رضا الله عزَّ وجلَّ، لا رضا الناس، فلا يكن همّك أيّها الصائم أن تنال رضا الناس عنك فيما تقوم به ما دمت تسعى لرضا الله، وفي الرواية عن الإمام الحسين عليه السلام: "من طلبَ رضا الله بسخَطِ الناسِ كفاهُ اللهُ أمورَ الناس، ومن طلبَ رضا الناسِ بسخَطِ الله، وكَلَه اللهُ إلى الناس. والسلام"4.

2- البعد عن سخط الله

في عبادة الصوم، يدرك الصائم تماماً أنّ الله عزَّ وجلَّ لا يناله من صوم الصائم شيئاً، فالله عزَّ وجلَّ لا يريد لهذا الإنسان الصائم أن يعيش الجوع والعطش، لأنّ شيئاً ما سيصل في ذلك إلى الله، لأنّه هو الغنّي عن العالمين، ولكنّ الله عزَّ وجلَّ يريد من تكليف الصائم أن يرجع النفع إلى هذا الصائم، وذلك بتربية نفسه على الابتعاد عن المعاصي والآثام.

إنّ المعاصي هي السبب الذي يوجب وقوع الإنسان في سخط الله وغضبه، فيكون مستحقّاً للعذاب الإلهيّ، والصائم الذي يسعى لرضا الله عزَّ وجلَّ في صيامه، عليه أن يتجنّب اللجوء إلى سائر المعاصي التي توجب سخط الله سبحانه، فلا ينبغي أن يكون الصوم سبباً لسوء الخلق مثلاً، بنحو يؤدّي بك أيّها الإنسان إلى ظلم الآخرين, فإنّك بذلك تسعى لسخط الخالق.

إنّها الذنوب التي تجعل الإنسان محلّاً للعقاب, ففي الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام: "كلّما أحدث العبادُ من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدَثَ اللهُ لهم من البلاءِ ما لم يكونوا يعرِفون"5.

3- التوفيق لقراءة آيات الله
ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "لكلّ شيءٍ ربيعٌ وربيعُ القرآنِ شهرُ رمضان"6.

أيّها الصائم الذي تحرم نفسك رغباتها وملذّات الدنيا سعياً منك لرضا الله، ألا ترغب في أن تخاطبه وتتحدّث إليه؟! ألا تحبّ أن تسمع كلامه؟! إنّ السبيل لذلك هو أن تلجأ إلى قراءة كتابه، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أحبّ أحدكم أنْ يحدّث ربّه فليقرأ القرآن"7.

ولكن أيّ قراءة هذه التي تجعلك فعلاً تتحدّث مع الله، إنّها التي ورد التعبير عنها في القرآن نفسه بحقّ التلاوة، في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾.

وورد عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال: "يرتّلونَ آياته، ويتفهّمون معانيه، ويعملونَ بأحكامه، ويرجونَ وعده، ويخشونَ عذابه، ويتمثّلونَ قصصه، ويعتبرونَ أمثالَه، ويأتون أوامِره، ويجتنبون نواهيه، ما هو والله بحفظ آياته وسردِ حروفه، وتلاوة سوَره ودرس أعشاره وأخماسه، حفِظوا حروفه وأضاعوا حدوده، وإنّما هو تدبّر آياته، يقول الله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِه﴾8ِ.


1- البقرة:265.
2- بحار الأنوار - العلّامة المجلسي - ج 13 ص 432.
3- الخصال - الشيخ الصدوق - ص 210.
4- الأمالي - الشيخ الصدوق - ص 268.
5- الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 ص 276.
6 ثواب الأعمال - الشيخ الصدوق - ص 103.
7- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 ص 2524.
8- م.ن. ج 3 ص 2526.