الصفحة الرئيسة سجل الزوار تواصل معنا

المقالات

سبيل المهتدين
في رحاب الشهر
في رحاب الدعاء
أعمال الليالي
أعمال الأيام
حدائق الأيام الرمضانية
شهر رمضان برنامج رسالي
فقه الصوم
ليالي القدر
يوم القدس العالمي
عيد الفطر

المكتبة

الأعمال والمناسك
الأربعون حديثاً
الآداب والسنن
الفقه الموضوعي
زاد المبلغ
الفكر والنهج الخميني
متفرقات

المكتبة الصوتية

أدعية شهر رمضان
أدعية أيام شهر رمضان
الأناشيد
الأمسيات القرآنية
ترتيل القرآن

المكتبة الفنية

لوحات فنية
مخطوطات
عيد الفطر
   
   

 

دعاء اليوم الواحد والعشرين

"اللّهمَّ اجعل لي فيه إلى مرضاتك دليلا، ولا تجعل للشيطان فيه علي سبيلا، واجعل الجنة لي منزلا ومقيلا، يا قاضي حوائج الطالبين".

تتحدَّث فقرات هذا الدعاء عن سُبل الوصول إلى الله عزَّ وجلَّ، والابتعاد عن طاعة الشيطان، وأنَّ المثوى الذي يسعى إليه الإنسان هو الجنّة. عبر أدلاء إلى مرضاته، واجتناب سبل الشيطان، وهذا ما سيشار إليه في هذه الفقرات.

1- الأدلاء إلى مرضاة الله

إنَّ من سِعَة الرحمة الإلهيّة بهذا الإنسان أنّ أرسل له أنبياء، وجعل له أئمّة يدلّونه على طريق النجاة، ولولا ذلك لما تمكَّن من الوصول إلى مرضاة الله.

ونقرأ في زيارة الائمّة عليهم السلام "السلام على الأدلاء على الله"1.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ الله واحد، أحد، متوحِّد بالوحدانية، متفرِّد بأمره، خلق خلقاً ففوَّض إليهم أمر دينه، فنحن هم... نحن حجّة الله في عباده، وشهداؤه على خلقه، وأمناؤه على وحيه، وخزانه على علمه، ووجهه الذي يؤتي منه وعينه في بريته، ولسانه الناطق، وقلبه الواعي، وبابه الذي يدل عليه، ونحن العاملون بأمره، والداعون إلى سبيله، بنا عُرف الله، وبنا عُبد الله، نحن الأدلاّء على الله، ولولانا ما عُبد الله"2.

لا تغترَّ أيها الإنسان بنفسك، فإنَّ كونك من أتباع هؤلاء الأئمّة لا يكون بكلماتٍ ينطق بها لسانك، بل بالعمل بما أمروا به والنهي عمَّا نهوا عنه. فلو أنَّ شخصاً ضلَّ الطريق إلى مكانٍ معيّن فسأل عن المكان، فأعطاه المسؤول الدليل إلى ما يريد، أتراه يصل إلى ما يريد؟! إنَّ هذه هي حال من يفتخر بكونه من أتباع أهل البيت ولكن افتخاره هذا يكون بلسانه فقط، وأمَّا عمله فيبتعد تماماً عن هذا الطريق. ولذا فإنّ الدعاء لله عزَّ وجلَّ بأن يكتب التوفيق للإنسان في الوصول إلى الدليل إلى مرضاة الله والعمل بما يأمرنا به هذا الدليل.

2- سبل الشيطان

لقد أصبح الشيطان وهو أول من عصى الله عزَّ وجلَّ رائداً للناس إلى معصية الله، له سبله التي يُسيطر فيها على الناس ليقودَهم إلى معصية الله، بل إنّ للشيطان حزباً كما ورد في آيات عديدة من القرآن الكريم. فمن هو حزب الشيطان هذا.

إنَّ قوام الانتساب إلى حزب الشيطان أن يغرق الإنسان في المعاصي إلى الحدّ الذي يعبّر عنه القرآن الكريم بالاستحواذ، أي الإحاطة من كلِّ جانب، وذلك ما ورد به قوله تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ الله أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ﴾3.

إنَّ للشيطان سُبلا ينفذ من خلالها إلى هذا الإنسان وهي التي نُطلق عليها مكائد الشيطان، وقد ينفذ إلى عبدٍ من سبيل وإلى آخرَ من أكثرِ من سبيل.

وهذه السُبل منها ما يكون واضحاً في أنَّه سبيل ضلال كالمعصية والكفر وعدم اتِّباع الحقّ، وقد ينجو الكثير منّا من هذا السبيل. ولكن من هذه السبل ما يكون غامضاً، خفياً، يأتي الشيطان بالباطل فيصوّره بصورة الحقّ، ويدعو الإنسان لاتِّباعه.

وكما أنَّ للقرب من الله عزَّ وجلَّ مراتب فكذلك للقرب من الشيطان مراتب، فقد يصل الإنسان إلى مرتبة يكون وكرا للشيطان ويصف ذلك الإمام علي عليه السلام بقوله: "اتَّخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا، واتَّخذهم له أشراكا، فباض وفرّخ في صدورهم، ودبّ ودرج في حجورهم، فنظر بأعينهم، ونطق بألسنتهم، فركب بهم الزلل، وزيَّن لهم الخطل، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، ونطق بالباطل على لسانه"4.

هل يكتفي الشيطان منك أيّها الإنسان بأن تفعل المعصية؟ وهل يدعك بعد ذلك وشأنك؟ لا إنَّه يُتابعك حتّى النهاية، فهو يعرف أن باباً للرجوع إلى الله مفتوحٌ أمامك فهو يخشى من أن تسلكه فيكون عمله هباءً، وهو باب الاستغفار، فالشيطان بعد أن يُوقعك في المعصية، يسدّ أمامك باب الاستغفار, ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "لما نزلت هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً...﴾5. صعد إبليس جبلا بمكة يقال له: ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه، فقالوا: يا سيّدنا لمَ دعوتنا ؟ قال: نزلت هذه الآية، فمن لها ؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا وكذا، قال: لست لها، فقام آخر فقال: مثل ذلك، فقال: لست لها، فقال الوسواس الخنّاس: أنا لها، قال: بماذا ؟ قال: أعدهم وأمنيّهم حتّى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها فوكَّله بها إلى يوم القيامة"6.

قصة فيها عبرة

ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ الله رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾7.

عن ابن عباس قال: "كان في بني إسرائيل عابد اسمه برصيصا، عبد الله زماناً من الدهر حتَّى كان يُؤتَى بالمجانين يداويهم ويعوذهم فيبرؤون على يده، وإنّه أُتي بامرأةٍ في شرف قد جنَّت وكان لها إخوة فأتوْه بها وكانت عنده، فلم يزل به الشيطان يزيّن له حتَّى وقع عليها فحملت، فلما استبان حملها قتلها ودفنها، فلما فعل ذلك ذهب الشيطان حتّى لقي أحد إخوتها فأخبره بالذي فعل الراهب وأنّه دفنها في مكان كذا، ثمّ أتى بقيّة إخوتها رجلاً رجلاً فذكر ذلك له، فجعل الرجل يلقى أخاه فيقول: والله لقد أتاني آت ذكر لي شيئاً يكبر عليّ ذكره، فذكره بعضهم لبعض حتّى بلغ ذلك ملكهم، فسار الملك والناس فاستنزلوه فأقرّ لهم بالذي فعل، فأُمر به فصلب، فلما رُفع على خشبته تمثَّل له الشيطان فقال: أنا الذي ألقيتك في هذا، فهل أنت مطيعي فيما أقول لك أخلِّصك ممَّا أنت فيه ؟ قال: نعم، قال: اسجد لي سجدة واحدة، فقال: كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة؟ فقال: أكتفي منك بالإيماء، فأومأ له بالسجود، فكفر بالله، وقُتل الرجل، فأشار الله تعالى إلى قصّته في هذه الآية"8.
 

1- الكافي - الشيخ الكليني - ج4 ص579.
2- التوحيد - الشيخ الصدوق - ص152.
3- المجادله:19.
4- نهج البلاغة, باب الخطب, الخطبة 7.
5- عمران:135.
6- الأمالي - الشيخ القدوس - ص551.
7- الحشر:16
8- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج14 ص487.